رسؤال وجواب في الشهر المبارك -1
سؤال وجواب في الشهر المبارك -1
بسم الله الرحمن الرحيم
مـــقـــدمـــة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، فمن يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،
أما بعد ؛
فإن من علامة إرادة الله الخيرَ بالعبد ، أن تراه مشتغلاً بتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين ، و إنما أنا قاسم والله يعطي ، لن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمر الله ، لا يَضُرُّهم من خَالَفهم حتى يأتي أمرُ الله )) . متفق عليه .
فالحديث يدل : على إثبات الخير لمن تفقَّه في دين الله عز وجل ، وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط ، بل لمن يفتح الله عليه به ، وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودًا حتى يأتي أمر الله .
وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار .
سؤال وجواب في الشهر المبارك -1
بسم الله الرحمن الرحيم
مـــقـــدمـــة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، فمن يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،
أما بعد ؛
فإن من علامة إرادة الله الخيرَ بالعبد ، أن تراه مشتغلاً بتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدين ، و إنما أنا قاسم والله يعطي ، لن تزالَ هذه الأمةُ قائمةً على أمر الله ، لا يَضُرُّهم من خَالَفهم حتى يأتي أمرُ الله )) . متفق عليه .
فالحديث يدل : على إثبات الخير لمن تفقَّه في دين الله عز وجل ، وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط ، بل لمن يفتح الله عليه به ، وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودًا حتى يأتي أمر الله .
وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار .
وقال أحمد بن حنبل : إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم .
وقال القاضي عياض : أراد أحمد أهل السنة ، ومن يعتقد مذهب أهل الحديث (1)
وبين يديك – أخي القارئ – بعض المسائل المتعلقة بالصيام وأحكامه ، وألحقنا بها بعض الأخطاء الشائعة في شهر الصيام ، ثم بعض الأحاديث الضعيفة … رجونا بذلك عموم النفع للمسلمين في هذا الشهر المبارك ، وأن يكون لنا نصيب من قوله عليه الصلاة والسلام : (( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا .. )) رواه مسلم . ومن أعان على نشر ذلك ، وبلَّغه لغيره من إخوانه وأقربائه وجيرانه ، له نصيب أيضا إن شاء الله تعالى .
فاللهم نسألك أن تُعلِّمنا ما ينفعنا ، وأن تنفعنا بما علمتنا ، وأن تزيدنا علما ، إنك أنت العليم الحكيم .
وصلى الله على خاتم النبيين ، وآله وصحبه أجمعين ،
وكتبه :
محمد الحمود النجدي
الكويت – شعبان – 1421 هـ
سؤال وجواب في الشهر الكريم
(1) السؤال : ما الحكم في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذان لا يقدران على الصيام ؟
الجواب : بالنسبة للشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ، فقد روى البخاري في التفسير ( 8 / 135 ) – فتح الباري – عن عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : ] وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامُ مِسْكِين[ قال ابن عباس : ليست بمنسوخة ، وهو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فليطعما مكان كل يوم مسكيناً فالعاجز عجزا لا يرجى زواله – بكبر سنه أو بمرض مزمن – الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً.
والإطعام هو نصف صاع من الطعام أي ما يعادل 1,250 كيلو وربع من الرز ، وإذا طبخه وأطعمه الفقير كان أفضل ، فقد ثبت أن أنس رضي الله عنه أنه ضعف قبل موته فأفطر ، وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكيناً رواه الدار قطني ( 2/207 ) وفي رواية : أنه ضعف عن الصوم عاماً فصنع جفنة ثريد ، ودعا ثلاثين مسكينا فأشبعهم . وإسنادها صحيح ، وانظر الإرواء ( 4/21 ).
تنبيه : هذا إذا لم يختلطا ( يخرفا ) فإنه إذا أصابهما الخرف ، فلا شيء عليهما ، لسقوط التكليف عنهما .
(2) السؤال : ما الحكم في الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان ؟
الجواب : الحامل والمرضع إن أفطرتا خوفا على أنفسهما قضتاه فقط ، لأنهما في حكم المريض ، فالحامل قد يشق عليها الصيام بسبب الحمل لاسيما في أيام الحر والعطش وكذا المرضع ، فيجوز لهما الفطر مراعاة لحالهما ، ويجب عليهما القضاء كالمريض لقوله تعالى: ] فَمَنْ كاَنَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر [ قال الإمام أبو محمد بن قدامة بعد ذكره الحكم السابق : لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافا . ( المغنى 4 / 394 ).
أما إذا أفطرتا خوفا على ولديهما فعليهما القضاء والإطعام ، أما القضاء فمن أجل الإفطار ، وإما الإطعام فلأنهما أفطرتا وهما مطيقتان للصيام ، وقد قال تعالى ] وَعَلَى الَّذِينَ يُطيقونه فدية طعام مسكين [ قال ابن عباس : (( كانت رخصةً للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ، وهما يطيقان الصيام ، أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً ، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا )) رواه أبوداود .
وأما حديث (( إن الله تعالى وضع الصوم عن المسافر وعن المرضع والحبلى )) رواه أبو داود ( 2408 ) فالمراد به : وضع عنهم وجوب الأداء – أي الصوم في الوقت – ولكن لابد من القضاء .
قال ابن قدامة : المراد بوضع الصوم وضعه في مدة عذرهما .انتهى . فما دامت الحامل أو المرضع مطيقةً للقضاء وجب عليهما ، ولا تنتقل إلى الإطعام إلا عن العجز عن القضاء .
(3) السؤال : ما الحكم في رجل تعمد الفطر في رمضان ؟
الجواب : من تعمد الإفطار بغير عذر آثم ، مرتكب لكبيرة من الكبائر ، لانتهاكه حرمة الشهر العظيم . والواجب عليه التوبة إلى الله تعالى بالندم على ما فرط ، والعزم على الصيام ما بقي من الشهر . ولا كفارة عليه على الصحيح من أقوال أهل العلم ، لأنه لم يأت نص في وجوب الكفارة على من تعمد الإفطار بالأكل والشرب ، ولا يصح قياسه على المجامع في نهار رمضان ، والرسول r لم يوجب الكفارة إلا على من وطئ امرأته عامدًا ، فمن أوجب الكفارة على غيره فقد شرع ما لم يأذن به الله تعالى .
وأما القضاء ففيه خلاف ، والراجح أنه لا قضاء على من تعمد الفطر ، وبه قال ابن مسعود – كما في البخاري (4/160)- ولأن الله تعالى قال ] فَمَنْ كاَنَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر[ وليس هو من هؤلاء ، ولا نص في وجوب القضاء عليه ، بل هو كتارك الصلاة متعمداً . والله أعلم . انظر المحلى لابن حزم ( 6/180 ) وفتح الباري ( 4/161 ) ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية .
(4) السؤال : نحن في بداية هذا الشهر المبارك ، ما هي نصيحتكم ؟
الجواب : رمضان شهر مبارك كما قال عليه الصلاة والسلام ، أي كثير الخير والفضل ، ففي هذا الشهر ، وفي ليلة القدر منه بالخصوص ، نزل أعظم الكتب وأشرفها ، قال تعالى: ] شَهْرُ رَمَضاَنَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَ بَيِّناَتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقاَنِ[ ( البقرة 185) . وكان رسول اللهr يدارسه جبريل عليه السلام القرآن كل ليلة كما في الصحيحين . وقال تعالى عن الليلة التي نزل فيها القرآن : ] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [ ( القدر 2) ، وهي في العشر الأواخر من هذا الشهر . وقال r عنها : ((.. وفيه ليلة هي خير من ألف شهر ، من حُرم خيرها فقد حُرم )) رواه أحمد والنسائي بسند صحيح . أي من تشاغل عنها وحُرم العبادة فيها ، فهو المحروم الحقيقي .
وقال عليه الصلاة والسلام :(( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ، صُفدت الشياطين ومردت الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادى منادٍ كل ليلةٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة )) . رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان بسند حسن . فالمنادي يناديه لعمل كل خير ، والبعد عن كل شر ، والعمرة فيه تعدل الحجة ، كما ثبت في الصحيحين وغير ذلك من العبادات . فينبغي للعبد أن يسعى في تحصيل هذه الفضائل ما استطاع ، وأن لا يضيع وقته فيما لا ينفع ولا يفيد ، فإنه شهر سريع الانقضاء ، ويأتي في السنة مرة واحدة ، فالسعيد من وفق لاغتنامه ، والمغبون في هذا الشهر من باع ساعاته وأيامه ولياليه بكثرة أشغال الدنيا ، والتوسع في الأعمال المباحة والسهر فيما لا فائدة فيه ولا عائدة .
فمن الناس من يضيعه بكثرة متابعة التلفاز ، وما فيه من التمثيليات والأفلام والبرامج ، وأكثرها مما يصدُّ عن ذكر الله تعالى ، ويوقع في النظر إلى ما لا يحل من الصور والمناظر ، وسماع المعازف في شهر القرآن ! ومن الناس من يضيع ليالي شهر الصيام بمجالس اللغو ، ويعكف على القيل و القال، ولعب الورق حتى الفجر !.
فأين هؤلاء من قول الرسولr : (( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) رواه البخاري ( 4/116) .
وعن أبى المتوكل الناجي قال : كان أبو هريرة و أصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا : نطهر صيامنا . رواه ابن أبى شيبة كما في المحلى ( 6/177 ) وسنده صحيح .
أما النساء : فكثير منهن من تنام إلى الظهر ، ثم تقوم للعمل في المنزل والمطبخ حتى المغرب ، ثم بعد الإفطار تشتغل بالزيارات غير الضرورية وكثرة الخروج إلى الأسواق .
فماذا أخذ هؤلاء من خير رمضان ؟ وماذا اغتنموا من أوقاتهم ؟ وأين هم من اجتهاد سلف الأمة ونبيها عليه أفضل الصلاة والتسليم ؟!!
(5) السؤال : إذا خرج دم من فم الإنسان وهو صائم ، فما الحكم ؟
الجواب : إذا سال فم الصائم دما فعليه أن يلفظه ولا يبتلعه ، وكذا لو خرج إلى فمه قيء ، لأن الفم في حكم الظاهر . والأصل حصول الفطر بكل واصل من الفم إلى الجوف ، لكن يعفى عن الريق لعدم إمكان التحرز منه ، فما عداه يبقى على الأصل . انظر المغني ( 4/ 356 ) . وإن ابتلع شيئاً مع ريقه دون أن يشعر أو يقصد ، فلا شيء عليه .
——————————————————————————–
(1) انظر الفتح ( 1 / 164 ) .