حديث

شرح كتاب الايمان

شرح كتاب الإيمان
)الأحاديث (2-5

الحديث الثاني:

( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بارزاً للناس ) بارزاً للناس : يعني ظاهراً كما قال سبحانه وتعالى (( وتَرَى الأرضَ بارزة )) يعني : ظاهرة ليس فيها واد ولاجبل يستر الناس .

( فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ما الأيمان ؟ قال : (( أن تؤمن بالله ، وملائكته ، ورسوله وتؤمن بالبعث الآخر )) شرح النبي صلى الله عليه وسلم هنا أركان الإيمان وعمدة الإيمان : الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، وهو يتضمن الإيمان بوجود الله ، والإيمان بأسمائه وصفاته وأفعاله ، والناس متفاوتون في هذا تفاوتاً عظيماً .

( وملائكته ) وهم: خلق الله سبحانه وتعالى الذين أثنى عليهم وعلى عبادتهم ، في غير موضع من القرآن .

( وكتابه ) أي بالقرآن لأنه آخر الكتب السماوية ، ويحتمل أنه أراد جنس الكتاب، يعني أن تؤمن بما أنزل الله تعالى من كتاب ، فيشمل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن ، وغيرها من الكتب المنزلة .

( ولقائه) أي : أن تؤمن بلقاء الله تعالى ، ولقاء الله عزوجل يتضمن رؤيته ، وهو ما استدل به طائفة من أهل السنة ، ومال إلية شيخ الاسلام من أن لقاء الله تعالى في الآخرة ، فيه رؤية الله تعالى للمؤمن والكافر _ أي : في عرصات القيامة _ أما الكافر فإن رؤيته لله عز وجل عذاب وخوف ، كحال المجرم الذي فر من عدالة الملك ، فإذا واجه الملك كانت مواجهته عذاباً عليه ، وأما المؤمن فإنه إذا لقي الله فرح بلقائه ، لأنه ينتظر جائزته من ربه سبحانه .

( ورسله ) وهو الإيمان بالرسل وهو ركن من أركان الإيمان ، أن تؤمن بكل رسول أرسله الله تعالى ، سواء ذُكر أسمه في القرأن ، أو في السنة كيوشع بن نون ، أولم يذكر ، لأن الله تعالى قال  (( ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك )) ( سورة النساء : 164) . فتؤمن بكل رسل أرسله الله تعالى .

( وتؤمن بالبعث الآخر ) الأيمان بالبعث من أركان الإيمان وقد أقسم الله تعالى بنفسه المقدسة ثلاث مرات في القرآن ، على أن البعث كائن ، فقال تعالى (( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن )) [ سورة التغابن (7 ) ] .

وفي موضعين آخرين (1) ،فيقسم الله تعالى بنفسه أن البعث كائن لا محالة ، والإيمان بالبعث يشمل الإيمان بما يكون في ذلك اليوم الآخر ، من بعث من القبور وحشر ونشر للدوواين والصحف ، وميزان وصراط وجنة ونار ، وقد ذكر الله تعالى هذه الأركان في القرآن (( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل أمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ))  [ سورة البقرة : 285 ] وقال عز وجل (( ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً )) [ سورة النساء : 136 ] .

( قال : يارسول الله ما الإسلام ؟ قال : (( الإسلام : أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا ،وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان )) الإسلام هنا جعله الرسول صلى الله عليه وسلم للأعمال الظاهرة ، وجعل الإيمان لأعمال القلوب ، وهو التصديق والإقرار والمعرفة ، أن يصدق ويقر ذلك ، والإسلام هو الأعمال الظاهرة من الشهادتين والصلاة والزكاة والصيام ، ولم يذكر الحج وفي بعض الروايات ذكُر ، فلعل الرواي تركه اختصاراً ، فدل هذا على أن الإسلام والإيمان اسمان، إذا اجتمعا افترقا في المعنى ، وإذا افترقا اجتمعا في المعنى، مثل لفظ الفقير والمسكين ، فإن الفقير والمسكين إذا افترقا ، دلَّ كل منهما على الشخص صاحب الحاجة ،  أما إذا اجتمعا دلّ أحدهما على معنى أخص من الآخر ، وهكذا الإسلام والإيمان ، كما قال الله تعالى (( قالت الأعرابُ آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ))  سورة الحجرات : 14 ] فالإيمان إذا ما وَقَر في القلب وصدقه العبد ، والإسلام ما أظهره العبد على جوارحه من أعمال الإسلام ، وقد يكون العبد عاملاً بالإسلام غير مصدق بقلبه ، كحال المنافق ، فالمنافق يعمل أعمال الإسلام لكن هو في قلبه ليس بمصدق ، ومن الناس من يعمل بجوارحه ويكون تصديقه وإيمانه ضعيفا ، كما قال الله عزوجل عن الأعراب الذين أسلموا حديثاً .

وأيضاً : يدل على أن الأيمان يصحبه العمل (1) لأن الله تعالى قد أطلق اسم الإيمان على الأعمال ، فهذا دليل على أن الأعمال من الإيمان ، كما في قوله سبحانه وتعالى (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم أيماناً وعلى ربهم يتوكلون الذين يُقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا )) [ سورة الانفال 2 ـ 4 ] .

وفي قوله عليه الصلاة والسلام ( الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قولُ لاإله إلاالله ، وأدناها إماطة الأَذى عن الطريق ، والحياءُ شعبةُ من الإيمان ) فدل على أن الإعمال من الإيمان ، والناس يتفاوتون في ذلك ، فالإيمان قول وعمل وتصديق ، وهذا مذهب السلف رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان .

( قال : يارسول الله ما الإحسان ؟ قال : (( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) فالإحسان أعلى مراتب الإيمان ، لأنّ العبد يعبد الله تعالى كأنه يراه بعينه فيستحضر ربه في عباداته كلها حتى كأنه يراه بعينه ، فإن لم يكن يراه ، فهو موقن بأن الله تعالى يراه ، والعامل إذا استحضر رؤية صاحب العمل أو رب العمل لعمله ، أحسنَ العمل ، وإذا غاب عنه رب العمل أو عن ذهنه ، فإنه لا يتقن عمله ، وكلما شعر هذا العامل بمراقبة العمل ، ازداد إحسان ، فأنت الآن لو جئت بعامل يعمل لك ووقفت على رأسه ، لايكون عمله كما لو جئت به وتركته يعمل كما يشاء دون رقابة ، فالإحسان هو أعلى مراتب الإيمان ، وهو يعني مراقبة الرب سبحانه .

( قال : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : (( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ) وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم متى تكون الساعة ؟ بل علم الساعة مما اختص الله تعالى بعلمه (( يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيما أنت من ذكراها* إلى ربك منتهاها* إنما أنت منذر من يخشاها )) [ النازعات : 43 ـ 45 ] وقال عزوجل (( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل علمها عند ربي لايجليها لوقتها إلا هو ثَقلت في السماوات والأرض لاتأتيكم ألابغتة ) [الاعراف : 187 ] . وفي هذا دليل على أن العالم إذا سئل عن شيء لا يعرفه ، يقول : الله أعلم ، فيرد العلم إلى الله ، وليس في هذا نقص من مكانته وعلمه ، وجاء رجل إلى الإمام مالك ، فقال له : جئتك من مسيرة ستة اشهر ، وانا سائلك عن هذا السؤال ، فلما سأله قال له الإمام مالك : لا أدري ، فبهت الرجل وقال : ماذا أقول لأهل بلدتي ؟ قال : قل لهم يقول مالك : لا أدري !  فما كانوا يستحون من هذه الكلمة ، بل هي نصف العلم كما ورد على ألسنة السلف ، والعالم إذا قال : لا أدري في المسائل ، ووقف ، وثقَ الناس به ، وعلموا أنه لا يتكلم إلا بدليل ، ولا يفتي إلا بنص وبرهان .

قوله ( ولكن سأحدثك عن أشراطها ) الأشراط جمع شرط ، والشرط هي العلامة فأشراط الساعة علاماتها .

قوله (إذا ولدت الأمة ربها فذاك من أشراطها ) إذا ولدت الأمة ربها أو ( ربتها ) كما في بعض الروايات فذاك من أشراط الساعة ، وفي معناه أقوال : ذكر الحافظ ابن (1) حجر أن من معناه  : أن يَكثر العقوق ، فيعامل الرجل أمه كمعاملة السيد لأمته ، فيأمرها وينهاها ويزجرها ويسبها ، ومال إلى هذا القول ، واختاره غيره من العلماء وعليه الأكثر (2) : أن المراد بذلك : الأخبار عن فتوح البلدان ، وكثرة السَّراري أوالجواري ، فتلد هذة الأمة من سيدها ولداً ، وولده بمنزلته ، فذاك قوله عليه الصلاة والسلام (( أن تلد الأمة ربها )) .

قوله ( وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من اشراطها )) وفي رواية لمسلم (3)( أي : ملوك الأرض ) إذا كانت ملوك الأرض ، والعُراة : يعني الذين لا يلبسون من الثياب إلا القليل ، والحُفاة : يعني الذين لا ينتعلون ، فإذا تغيرت الأحوال فصار أسافل الناس أعاليهم ، فهذا من أشراط الساعة .

( وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها ) الَبهم هي : صغار الغنم سواء من المعز أم من الضأن ، فمن أشراط الساعة تطاول رعاة البهم في البنيان ، يعني : أن تكثر أموالهم ويتنافسون في إطالة البنيان ، وفي هذا دليل أيضا على ذم البناء والتطاول فيه ، ما لم تدعُ حاجة إليه ، وورد ما يؤيد ذلك ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام (( إن العبد يؤجر في كل شيء من نفقته إلا في البنيان )) (1) ووجه العلماء ذلك إلى البنيان الذي لا فائدة منه ، لا البنيان الذي يستر الإنسان وأهله وعائلته (2) ، فإنَّ هذا يؤجر عليه كما يؤجر على النفقة على أهله ، كما قال عليه الصلاة والسلام في الصدقات : (( حتى ما تضع في فيّ امرأتك )) (3) فهذا داخل في النفقات .

قوله ( في خمس لا يعلمهن إلا الله ) أي : إن علم الساعة ، من الخمس اللاتي لا يعلمهن إلا الله (( إنَّ الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ))[ لقمان : 34 ]

هذه مفاتيح الغيب الخمسة .

قوله ( ثم أدبر الرجل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ردُّوا على الرجل ) فأخذوا ليردوه فلم يروا شيئاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم )) . وفي هذا دليل على أنّ لجبريلَ وغيره من الملائكة قدرةً على التشكل بصورة الإنسان ، كما قال عزوجل (( فأرسلنا إليها رُوحنا فتمثل لها بَشَرا سويا )) [ سورة مريم 17 ] وكما أرسله الله تعالى إلى إبراهيم ولوط عليهما الصلاة والسلام ، مع أن خلق جبريل عظيم جداً ، كما قال عليه الصلاة والسلام ( رأيته منهبطاً من السماء إلى الأرض ، سادّا الأفق ، من عظم خلقه )) ومع ذلك له القُدرة أن يتشكل بصورة إنسان .

وفي الحديث أيضاً ـ في بعض الروايات ـ أنه كان قد جاء بصورة رجل ٍ شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر . وأخذ منه العلماء : استحباب التنظف والتطيب عند لقاء العلماء والملوك والكبراء .

******

الحديث الثالث

3 ـ عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاةُ ، جاءه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبدالله بن أمية بن المغيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ياعم ، قُل لاإله إلاالله ، كلمةً أشهد لك بها عند الله )) فقال أبوجهل وعبدالله بن أبي أمية : ياأباطالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدُ له تلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : هو على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لاإله إلا الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أما والله لأستغفرن لك مالم أُنه عنك )) . فأنزل الله عزوجل : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قُربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )) [ سورة التوبة : 113 ] ، وأنزل الله تعالى في ابي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم (( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين )) [ القصص : 56 ] .

شرح الحديث :

قوله ( لما حضرت أباطالب الوفاة …. ) أي : لما حَضَرت دلائل وفاته وأحتضر

قوله (( جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم ….)) وهذا كما ذكرابن فارس (1) وغيره وعمر النبي صلى الله عليه وسلم ( 49 سنة وعشرة أشهر ) ، وحَرَصَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام على عرض الدعوة على عمَّه ، من يوم أن بُلغ بالرسالة ، فإنه أَنذر عشيرته الأقربين ، كما أمره الله عزوجل . وفي الحديث : حِرصُ النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام على هداية أقربائه ، وأنّ هذا من أولويات الدعوة ، أن يبدأ الإنسان بأهله وقرابته قبل الأجنبي الغريب ، خلافاً لما يفعله اليوم طائفة من الدُّعاة ، في خروجهم إلى الدعوة إلى بلاد بعيدة ، وتركهم أهليهم وأولادهم  بلا تعليم ولاتأديب ! ولادعوة إلى الله عزوجل ! وهذا خلاف سيرة النبي عليه الصلاة والسلام .

وفي الحديث أيضاً : أنَّ لاإله إلا الله هي أول كلمةٍ يَدخل بها العبدُ إلى الإسلام فهي مفتاح الدخول إلى الإسلام ، وأن من قال هذه الكلمة صار مسلماً ، إذا عَرَف معناها وأقرَّ بمقتضاها . وفي الحديث أيضأً : أنَّ من مات على هذه الكلمة نفعته في الآخرة ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال (( كلمة أشهد لك بها عند الله )) وفي رواية (( كلمةً أُحَاجُّ لك بها عند الله )) .

وفي الحديث : أنَّ أبا جهل وابن أمية قد حَرَّضا أبا طالب على الكفر ، ومنعاه من قول هذه الكلمة المباركة ، فقالا له : ( أترغب عن ملة عبد المطلب ) وهذا فيه خطر صُحبة السوء ، ورفقاء الشر ، وأنهم قد يَحرمون الإنسانَ خيري الدنيا والآخرة ، فهما حَرَصا على صدَّه عن كلمة التوحيد في آخر لحظات حياته ، ولازماه حتى خسر الدنيا والآخرة .

وفي الحديث : إصرارُ النبيَّ عليه الصلاة والسلام  على تكرار الدعوة ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعرضها عليه ، ويعيد له تلك المقالة , وفي هذا فائدة : أنَّ الداعي لا ينبغي له أن ييأسَ من إصلاح الناس الذين يدعوهم االى الله ، ولو تبين له في ظاهر الحال أنه مُعرض عنه أوغير مستفيد، فإنك لاتدري لعلك تُصيب منه ساعة ، يكون قد رق فيها قلبه ، فيستفيد بكلمتك وبدعوتك فيما بعد . فالرسول عليه الصلاة دعا عمه تسع سنين ، بل عشراً إلا قليلاً ، ولم ييأس من دخوله في الإسلام .

قوله حتى قال أبو طالب آخرَ ما كلمهم : هو على ملة عبد المطلب .. فقوله :هو على ملة عبد المطلب . هذا من أحسن الآداب ، إذ أن الراوي قال (( هو على ملة عبد المطلب )) ولم يقل حاكياً قوله (أنا ) وهذا من البُعد عن قبيح القول ، ونسبة القول إلى قائله بأحسن العبارات ، فإذا حكى الإنسان الكلمة القبيحة حكاها على لسان قائلها .

 

وفي الحديث : التصريح بأن أبا طالب قد مات على الكفر ، لأن الراوي قال(وأبى أن يقول : لاإله إلاالله )) وهذا دليل على أنه لم يقلها ، فما دام أنه لم يقلها فقد مات على ملة الجاهلية ، ملة عبد المطلب ، وفيه ردُّ على الرافضة الذين يزعمون أن أبا طالب قد أسلم في آخر حياته ، ونطق بالشهادة وسمعها منه من كان مقرباً منه ، وهذه الرواية كذب ليست بصحيحة هم يروونها ويتداولونها في كتبهم ، ولكنها رواية  كذبٍ ليس لها اصل ، بل الاحاديث الصحيحة تردها .

وفي الحديث : أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (( أما والله ، لأستغفرن لك مالم انه عنك )) وفيه : سعةُ رحمة النبي عليه الصلاة والسلام ، وحبه الخير للناس ، فإنه طلب الاستغفار لعمه ، بعد أن مات على الكفر ، وما الداعي لهذا ؟ الداعي له أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد انتفع كثيراً بعمه ، وحماه الله تعالى به ، وكان أبو طالب يقول الأشعار في الذبَّ عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ويقول له : أذهب وادع الى ربك ولا تخش احداً ، فكان يُناصره ويَدفع عنه ، وجاء  في حديث البخاري (1) : أن العباس قال للنبي عليه الصلاة والسلام : أرأيت أبا طالب فإنه كان يحوطك وينصرك ، فهل نفعته بشيء ؟ قال : نعم ، أما إنه في ضَحضَاحٍ من نارٍ يَبلغُ كعبيه ، ولولا انا لكان في الدَّركِ الاسفل من النار)) (2) . والنار كما تعلمون دَرَكات ، فمنهم من تَأخُذُه النارُ إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه إلى حِقوَيه ، ومنهم من تغشاه النار . فهو  في ضحضاح والضحضاح : هي المياه الضحلة القليلة . قال: ضحضاح لكن من نار وليست من ماء .

وفي الحديث : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقيد عاطفته بالشَّرع ، ولا يجعل العاطفة تستولي عليه وعلى تصرفاته ، فقال (( أما والله لاستغفرنَّ لك ، ما لم أُنه عنك )) أي : ما لم  ينهاني ربي عن ذلك ، وهذا غاية التسليم لحكم الله عزوجل وشرعه ، فأنزل الله عزوجل (( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولى قُربى من بعدِ ما تبين لهم أنهم أصحابُ الجحيم ))     [ سورة التوبة : 113 ] . وهذا نص صريح في أن هذه الحادثة كانت سبباً لنزول هذه الآية ، لأنه قال ( فانزل ) وهذه فاء التعقيب التي تفُيد نزول الآية عقب هذه الحادثة . والآية تبين : أنه ليس للنبي عليه الصلاة والسلام ، ولا للذين آمنوا (( أن يستغفروا للمشركين ، ولو كانوا أولى قُربى )) أي : ولو كانوا قرابات  لهم ، من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . ومتى يتبين للأنسان ، أن الرجل من أصحاب الجحيم ؟ إذا مات على الكفر تبين لنا أنه من أصحاب ، هذا ظاهر الآيات ، فمُن علمنا بنص كتابٍ أو سنة أنه مات على الكفر ، فهو من اصحاب الجحيم ، ومَن علمنا يقيناً من حاله أنه مات على الكفر ، فهو من أصحاب الجحيم ، ولهذا صحَّ في الحديث : أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال 🙁 حيثما مَرَرتَ بقبرٍ كافر ، فبَّشره بالنار ) (1)

وأما قبل ذلك فلا يصح الشهادة له بالنار ، إذ لعله يُسلم ، ولهذا قال الله عزوجل : (( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين )) [ سورة البقرة : 161 ] .

فمتى وجبت لهم اللعنة والنار ؟ بعد أن كفروا وماتوا وهم كفار ، وأما قبل ذلك فلا . وقال تعالى (( وماكان استغفارُ إبراهيمَ لأبيه إلاعن موعدةٍ وَعَدَها إياه ))   [ سورة التوبة : 114 ] يعني : أن إبراهيم عليه السلام وعده والده أنه سيفكر في دينه ، فطمع إبراهيم أن يسلم وينقاد لدينه ( فلما تبين له أنَّه عدو لله )     و متى تبين له أنه عدو لله ؟ عند موته على الكفر ، عندئذٍ تبرأ منه (( إنَّ إبراهيم لأواه حليم ))  فإبراهيم عليه الصلاة والسلام ظل يستغفر لأبيه وهو حي كما قال ( لأستغفرن لك ) ودعا ربه أنْ يسْلم ، ولكن قُضي في كتاب الله أنه يموتُ على الكفر ، كما هو الحال في عمَّ النبي عليه الصلاة والسلام .

وفي حال الحياة : هل يجوز الاستغفار للمشرك والدعاء له بالرحمة والهداية ؟ الدعاء له بالهداية والرحمة جائز بلا خلاف أعلمه ، إلا الدعاء له بالمغفرة ، ففيه حلاف والذي يظهر أنه جائز ، لأن الآية يدل مفهومها على أنه إذا كان حياً فيجوز للنبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا أن يستغفروا له ، يقول : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ، اللهم اهده ، هذا كله جائز إذا كان حياً ، وأما بعد الوفاة فلا يجوز الدعاء له بالرحمة والمغفرة ، كما سبق .

قوله ( وأنزل الله تعالى في أبي طالب ….. ) قوله تعالى ( إنك لاتهدي من أحببت .. ) إما أن يكون المقصود بها : مَنْ أحببته من قرابتك وعشيرتك ، أومن أحببتَ له الهداية ، الإنسان قد يُحبُّ الهداية لرجلٍ بعيدٍ ، فيتمنَّى أنْ يُسلم ، لأنه رجل فيه صفات الرجولة من الشجاعة والكرم والنجدة … ، فيتمنى أنْ يسلم ويحب ذلك .

وفي الآية : دليل على أنَّ الله عزوجل يَهدي مَن يشاء ، ويضل من يشاء ، وهو مذهب أهل السنة والجماعة ، خلافاً للقدرية والمعتزلة ، فالله سبحانه يهدي من يشاء فَضْلاً منه ورحمة ، ويُضل من يشاء عدلاً منه سبحانه وتعالى لا ظلماً ، لأن العباد يَتَقلَّبون بين ذلك ، إما في عدلِ الله ، وإما في فضله ورحمته (وماربك بظلام للعبيد) .

***********

باب : أمرتُ أن أُقاتلَ الناسَ حتى يقولوا لاإلهَ إلا اللهُ
الحديث الرابع والخامس :

4 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، واستُخلفَ أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمرُ بنُ الخطاب رضي اللهُ عنه لأبي بكر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس؟!  وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أُمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يقولوا لإله إلا الله ، فمن قال لاإله إلا الله فقد عصمَ مني مالهُ ونفسَهُ إلا بحقه وحسابه على الله )) فقال أبو بكر رضي الله عنه : والله لأُقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه ، فقال عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن رأيتُ الله قد شرح صدرَ أبي بكر للقتال ، فعرفتُ أنه الحقُّ .

5 ـ عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لاإله إلا الله ، وأن محمداً رسولُ الله ، ويقيموا الصلاةَ ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحقها وحساُبهم على الله )) .

الشرح :

أورد المنذري تحت هذا الباب حديثان .

الأول : حديث أبي هريرة رضي الله عنه الصحابي الجليل ، واسمه على الصحيح : عبد الرحمن بن صخر وهو من قبيلة دوس ، أحد حفاظ الحديث الكبار ، والمفتين الأعلام ، دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالحفظ وعدم النسيان ، وشهد له بالحرص على حديثه عليه الصلاة والسلام ، مات سنة سبع وقيل : ثمان ، وقيل : تسع وخمسين للهجرة .

قوله : (( … وكَفر من كفر من العرب )) يعني الردة التي حصلت بعد النبي عليه الصلاة والسلام ، وكانت على قسمين (1) :

القسم الأول وينقسم إلى قسمين أيضاً : الأول : طائفة ارتدوا عن الإسلام ، وتبعوا مُدَّعي النبوة ، مثل : مسيلمة الكذاب في بني حنيفة في اليمامة ، ومثل الأسود العنسي في اليمن ، فهؤلاء ارتدوا عن الإسلام بالكلية، وتبعوا من ادعى النبوة وكذبوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم .

الطائفة الثانية من القسم الأول : طائفة ارتدت عن الإسلام إلى الوثنية وعبادة الأصنام والكفر بالله العظيم .

أماالقسم الثاني : فهو مَنْ بَقي على أقام الصلاة ، لكنه أنكر فريضة الزكاة ، وقال : نصلي ولا نزكي ، وقالوا : إنَّ الزكاة تُدفع للنبي عليه الصلاة والسلام وحده ، لأن الله عزوجل قال (( خُذْ من أموالهم صدقةً تُطهرهم وتزكيهم بها وصَلَّ عليهم إنَّ صلاتك سكن لهم )) [ سورة التوبة : 103 ] . وقالوا هذه خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام ، ومادام أن النبي عليه الصلاة والسلام قد مات ، فلا تُدفع الزكاة إلى أولياء الأمور من بعده ، وهذا لاشك أنه قول باطل ! لأن الخطاب في القرآن الكريم على ثلاثة أوجة :

الأول : خطاب عام يشمل جميع الأمة ، كقول الله عزوجل (( ياأيها الذين أمنوا إذا قُمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم … الآية )) [ سورة المائدة : 6] ، وقوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم …الآية )) [ سورة البقرة 183 ] . فهذا خطاب عام لجميع الأمة .

الثاني : خطاب خاص للنبي عليه الصلاة والسلام ، كقوله عزوجل (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك … ))  الآية [ سورة الإسراء : 79 ] . يعني خاصاً بك يارسول الله ، وكقوله عزوجل (( خالصةً لك من دون المؤمنين … ) [ سورة الاحزاب : 50 ] يعني في إباحة الزواج بالمرأة التي وَهبَت نفسها ، من غير ولي ولاشهود ولامهر ، وهذا خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام .

الوجه الثالث من  الخطاب في القرآن: أن يكون موجهاً إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، لكنه نافذ إلى جميع الأمة كقوله عزوجل (( أقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل … الآية )) [ سورة هود : 41 ] وهذا وإن كان الخطاب فيه إلى النبي عليه الصلاة والسلام لكن يُقصد به جميع الأمة ، لأن إقامة الصلاة ليست خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام ، وكقوله عزوجل (( ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن  … )الآية ، فهذا خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ، والذي يراد به النبي عليه الصلاة والسلام وأمته مَنْ بعده .

فقوله تعالى (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم )) عام للرسول عليه الصلاة والسلام ومن بعده من الخلفاء .

وعندما ارتد من ارتد من العرب ، على الوجوه الثلاثة التي ذكرناها ، تجهز أبوبكر لقتال هؤلاء المرتدين بأصنافهم ، والصحابة قاتلوا المرتدين بجميع أصنافهم ، قاتلوا مسيلمة وقتلوه ، وقتلوا طائفة من قومه واسترقوا نسائهم ، ومنهم استولد على بن أبي طالب  ـ أي من بني حنيفة ـ الذي يقال له : محمد بن الحنفية ، وقاتلوا أيضاً الذين ارتدوا إلى الشرك ، وقاتلوا من ارتد بترك فريضة الزكاة ، لكن من ترك فريضة الزكاة : إذا كان ذلك عن إنكارٍ وجحود لهذه الفريضة فإنه يكون كافراً ، أما إذا كان قد ترك فريضة الزكاة لاعن جحود وإنما عن بغي وعصيان ، فهؤلاء يدخلون في أهل البغي ، يقاتلون قتال أهل البغي ، والصحابة قاتلوا جميع الطوائف  السابقة كما قلنا .

فعمر رضي الله عنه لما تجهز أبو بكر لقتال هذه الطائفة : التي تشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة ، لكنها لا تزكي ، قال لأبي بكر : كيف تقاتلهم وهم يشهدون ان لإله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ؟! وذكر له عمر رضي الله عنه طرف الحديث ، لكن هذا الحديث الذي رواه عمر هنا ، رواه على جهة الاختصار ، لأن حديث ابن عمر الذي بعده بسط فيه القول ، فأراد عمر أن يستدل بأول الحديث على أن تارك الزكاة لا يقاتل ، فقال له أبو بكر : (( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة )) من فرق في الإيمان يكون كافراً ، إذا آمن بفريضة وكفر بفريضة من فرائض الإسلام ، يكون خارجاً عن الملة ، لا ينفعه إيمانه .

وأما من فرق في العمل بأن عمل ببعض الفرائض وترك بعضها فإنه لا يكفر عند جمهور أهل السنة إلا الصلاة ، لكنه يقاتل على تركها ، لأن إجماع أهل العلم ـ ومنهم الصحابة ـ أن من تمالأ هو وقومه على ترك فريضة من فرائض الإسلام ، أنه يقاتل حتى يؤديها ، بل ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن قول جمهور أهل العلم : أنَّ مَن ترك سُنَّة مؤكدة يقاتل (1) ، يعني : إذا ثبت أنَّ أهل قريةٍ ما ، اجتمعوا على ترك سنة الفجر مثلا ، أو على ترك الوتر ، عن تعمد جميعاً وتمالؤوا على ذلك ، فإنهم يقاتلون حتى يقوموا بهذة الشعيرة ، لأن هناك فرقاً بين إنسان يتركها وبين إناس يتواصون على تركها ، أو يغلب هذا فيهم حتى لا يعرف ، فهذا مِنْ تَرْكِ بعض الدين ، وبعض الإسلام ، حكاه عن جمهور أهل العلم .

قوله : (( .. والله لو منعوني عقالاً .. )) هكذا جاءت في رواية مسلم والبخاري ، والعقال : هو ما يشد به البعير لئلا يقوم . وجاء في رواية البخاري ( عناقاً) وهي أنثى المعز الصغيرة ، وفي هذا : أن من وجب عليه حق المال وهو الزكاة وطالبة به الإمام ، وجَبَ عليه أن يُؤديه ، وإذا امتنع حَلَّ للأمام أن يقاتله ،  ولو كان شيئاً يسيراً ولو عقالاً أو عناقاً ، وفيه فائدة أيضاً : أن أولاد الغنم تحسب مع الغنم ، لأنه قال ( لو منعوني  عناقاً ) يعني لو أن إنساناً يملك أربعين شاة كلها من السخال ، أي كلها من أولاد المعز مثلاً ، تجب فيها الزكاة وتخرج من سطة المال ، لا من الكريم ولا من الخسيس ، بل من الوسط .

قوله : (( فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن رأيت …)) فعمر رضي الله عنه لما رأى طمأنينة أبي بكر لقتال هؤلاء ، ورأى قوته ومضيه على هذا الأمر ، بدون تردد ولاشك ، فعند ذلك انشرح صدره ، وقال :

( فعرفت أنه الحق ) يعني بالحجة لا بالتقليد ، لأن الرواية التي بعدها فيها(( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة … )) . وهذا فيه رد على الرافضة ، الذين يقولون : إن عمر قد قلَّد أبا بكر في هذا المسألة ! ولم يتبعه على دليل ! والصواب أنه عن دليل ، كما في الحديث الذي بعده أنه الحق .

وفي الحديث من الفوائد : أن الناس يُعاملون بالظاهر ، إذا رأينا إنساناً يشهد الشهادتين ، ويصلي ويزكي ويصوم ، فإننا نعتبره مسلماً ، لأن هذا العمل الظاهر هو الإسلام الذي يُعصم به الدم والمال . وهذا نص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن إنْ تبين لنا أن هذا الذي يصلي ويصوم ويشهد الشهادتين زنديقاً ، بمعنى أنه يُظهر الإسلام ويبطن الكفر ، فهذا كافر  وحده القتل ، وهل له توبة ؟ (1) على الصحيح الذي رجحه الأمام أحمد وغيرهم العلماء أنه ليس له توبة ، لأن توبته أن يقول : أنا أقيم الصلاة وأزكى وأشهد الشهادتين ، وهو كان في السابق يفعلها ، ولهذا قالوا : لا تقبل توبته ، لماذا ؟ لأنه يعود إلى إخفاء الكفر وإظهار الإسلام ، ولهذا لا تقبل توبة المنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام ، والله تعالى أعلم .

زر الذهاب إلى الأعلى