دعوة

مفاسد الاضرابات والاعتصامات

 

 

هذه أسئلة وجهت للشيخ محمد الحمود النجدي والأجوبة عليها :

السؤال الأول : بداية حدثنا عن الإضرابات هل هي حرام ام حلال ؟

الجواب :

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وآله وصحبه ،
وبعد :

الاضراب عن العمل إخلال بالعقد الذي بين العامل أو الموظف وبين جهة العمل ، وقد قال الله تعالى ( يا ايها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) المائدة : 1.
وهذا الأمر من الله عزوجل يعم جميع العقود المباحة التي لا تتضمن أمرا محرما ، ولا تعاونا على محرم .
ويجب على الطرفين مراقبة الله تعالى في العقد ، فلا يخل العامل بعمله أو يقصر فيه ، أو يهمله أو لا يتقنه ، أو يتغيب عنه بغير ضرورة مرض ونحوه .
ولا رب العمل أيضا يخل بالعقد المتفق عليه ، مثل أن يقصر بدفع الأجرة المتفق عليها ، أو يتعمد المماطلة فيها وتأخيرها ، لأنه من الظلم الذي حرمه الله .

وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” أعطوا الأجير أجره ، قبل أن يجف عرقه ” . رواه ابن ماجة في سننه .

فإن فعل ذلك يذكر بالله ويوعظ ، وإن كان شركة أو جهة رسمية يكتب لها كتابا فيه المطالبة بالحق المتأخر مثلا أو بالحق الواجب عليها ، ولا مانع من الاستعانة بأهل الخير ومن له تأثير أو جاه لإيصال ما يطلبونه ، أو يتوصلوا لمقابلة المسؤول أو المدير ونحوه لشرح الأمر وتوضيحه ، وما أشبه ذلك من الوسائل الشرعية المتاحة .

أما المطالبة بزيادة الرواتب فهي من حقوق الموظفين ، إذا رأوا أنها أقل مما يؤخذ في العادة في بلدهم ، أو أنها قليلة لا تكفيهم وتكفي أسرهم ، لكن بالوسائل المشروعة المذكورة سابقا .

السؤال الثاني : يقوم البعض بالاعتصام والتجمهر وربما أدى للمظاهرات ، والاضراب عن العمل ، للمطالبة بزيادة الرواتب مثلا أو الترقيات ، فهل تجوز مثل هذه الأعمال ؟

الجواب :
من الفتن التي ابتُلينا بها في عصرنا هذا الغزو الفكري الغربي لديار الإسلام , وما خلفه من آثار في شتى المجالات ، العقدية والخلقية والتربوية والسلوكية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها .
والعجيب أن مظاهر التغريب وصوره لم تقتصر فقط على الذين ليسوا بمتدينين ، بل لِحقت حتى بمن ينتسب إالى الديانة أحيانا ، بل ربما من يتصدر لتدريس الناس وتعليمهم الدين !!
ومما ورثه المسلمون من الغرب الكافر : المظاهرات ضد الحكام ، والتجمهر والاعتصامات ، وإثارة الاضطرابات لأجل المال والمناصب والدنيا !
حيث قلد المسلمون الغرب في ذلك ، مصداقا لقوله – صلى الله عليه وسلم – : ” لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر , وذراعا بذراع ؛ حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم !
قيل : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟! “. متفق عليه

السؤال الثالث : ألا ترى أن بعض الاعتصامات قد تسبب بفتنة ؟

الجواب :

بالنسبة للمظاهرات والاعتصانات والنجمهر نقول باختصار:

إننا لا نعلم في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ، وعمل السلف السابقين ، وعمل الأئمة المتبوعين ، ما يدل على جوازها ، أو ما يدل على مشروعيتها ، أو انهم فعلوها ، والمسلم عليه أن يكون متبعا لا مبتدعا ، ففي ذلك الغنية والكفاية عن الأمور المحدثة ،،،
وكل خير باتباع من سلف
وكل شر بابتداع من خلف

بل إننا نرى فيها من المخالفات للنصوص الشرعية الصحيحة ، والمفاسد والشرور الكثيرة ، وما تؤدي إليه أحيانا كثيرة من الأضرار بالأنفس والممتلكات ، ودخول ذوي الأغراض الفاسدة فيها ، ما هو معروف لكل ذي بصيرة ، وقد تنتهي بالصدام وأعمال الشغب ، مما يقضي بحرمتها ومنعها .

فقد روى أبوهريرة رضي الله عنه عن  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع الإمام فقد أطاعني ، ومن عصى الإمام فقد عصاني ” متفق عليه .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” على المرء المسلم الطاعة فيما أحب أو كره ، إلا أن يؤمر بمعصية ، فإذا بمعصية ، فلا سمع ولا طاعة ” رواه ابن ماجة ( 2864) وغيره .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه و سلم – قال : ” من رأى من أميره شيئا يكرهه , فليصبر عليه ، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت ، إلا مات ميتة جاهلية ”  رواه البخاري ومسلم .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ” إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم ؛ كلما ذهب نبي خلفه نبي ؛ وأنه ليس كائن بعدي نبي فيكم ”
قالوا: فما يكون يارسول الله ؟ قال : ” تكون خلفاء فيكثروا ” قالوا: فكيف نصنع ؟
قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول ، أدوا الذي عليكم ، فسيسألهم الله -عز وجل- عن الذي عليهم ” رواه ابن ماجة (2871)  وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .

وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم  : … وذكر فيهم : ورجل بايع إماما ، لا يبايعه إلا لدنيا ! فإن أعطاه منها وفى له ، وإن لم يعطه منها لم يف له ” . متفق عليه .
وغيرها من أحاديث الباب ،،،
فهل بعد هذا الإرشاد إرشاد ، وهل بعد هذا التوجيه توجيه ؟

وهل يترك قول من قال الله فيه ( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) ( النجم : 3-4 ) لأهواء البشر ورغباتهم وعاداتهم ؟!

السؤال 4- : هل تكلم في الاعتصامات والمظاهرات العلماء المعاصرين ؟

الجواب :
نعم قد منع من المظاهرات والاعتصامات  كبار أهل العلم في هذا العصر ، الذين لهم من الخبرة والعلم بالواقع الباع الطويل ، وما قد تجر إليه مثل هذه الأعمال من شرور وفرقة وفتنة ، كالشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ، والشيخ المحدث الألباني ، والشيخ الفقيه محمد بن صالح العثيمين ، رحمهم الله ، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله ، والشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله ، وغيرهم كثير .
عصمنا الله والمسلمين جميعا من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
والله تعالى أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه

زر الذهاب إلى الأعلى