مقالات مختارة

ماذا لو كانت جماعة “جند أنصار الله” شيعية!!

تفاجأ الجميع بالأحداث الدامية التي وقعت في “رفح” في قطاع غزة، وتحديداً حول محيط مسجد “ابن تيمية”، وقد كانت الدهشة بادية على كثير من المراقبين من الطريقة التي حسمت بها حركة “حماس” الموقف!!

ولسنا هنا لتحليل الموقف وتداعياته، فقد كثرت الكتابات في هذا الأمر، وحسبنا حسرة أن ثلة من شباب الإسلام راحت ضحية الأحداث من كلا الطرفين… ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وما نريد أن نشير إليه في هذا المقام أنه هل كان يمكن معالجة مثل هذا الحدث بشكل آخر يحقن الدماء ويعالج الانحراف في الفكر والتطبيق، ويجعل صورة المشهد تخرج بطريقة أفضل تُحفظ فيها دائرة الأخوة الإيمانية، وتوحد الجهود من أجل التفرغ للعدو الحقيقي؟! أم أرادت “حماس” أن يكون سيناريو الإخراج بالصورة التي بدا بها لإيصال رسالة ما للعالم؟!

ثم ثمة تساؤل آخر يقف حائراً أمام الكثير من المبررات التي ساقتها “حماس” في حسم الموقف، وهو ماذا لو كان هذا الفصيل شيعياً أو ذو توجه شيعي!! هل كان التعامل والحسم معه كما كان مع جماعة “جند أنصار الله” ؟!! هذا سؤال كبير يحتاج إلى وقفات طويلة….

وخصوصاً أن الساحة الغزية تشهد ألواناً وتنوعاً من الحركات والفصائل التي تحمل السلاح، وكثيراً منها حديث التأسيس وقد انفصل عن فصيله الأم ليشكل كيانه الخاص…!!

ولا شك أن التوجه الشيعي في القطاع أصبح له كيانه المسلح بعد انفصاله وتشكيله لميليشياته الخاصة!! والحديث عن المجموعات المتأثرة بالتشيع من رواسب حركة الجهاد الإسلامي وغيرها!! باتت تفرض نفسها على الساحة عموماً وفي القطاع خصوصاً، وليست ميليشيات الحسني وحزب الله الفلسطيني عن “حماس” ببعيد!!

وما نريده هنا هو هل كانت الحسابات ستتغير لو كانت صورة المشهد مرتبطة بإيران!! وهل التشيع أضحى له سندٌ يرفعه ويقويه، وأهل السنة لا عزاء لهم …!!

وهل أصبح تدفق المادة هو شريان الحياة الذي يغذي سياسة الحركات الإسلامية في فلسطين، وعلى رأسها “حماس”…!! ولذا تتغير معه المصالح والمفاسد، واتخاذ القرارات ويحسب لها ألف حساب.

أم أن صورة مليشيا “حزب اللات” في الجنوب اللبناني وما يعيثه في الأرض فساداً هناك أضحى مدرسة الهام وتطبيق عند “حماس” في غزة ؟!!

عموماً … ما زال أهل السنة يعدون “حماس” هي قلب الجهاد النابض في فلسطين، ويرون فيها الفداء والعطاء في منابذة الأعداء ومقارعتهم، ولذا فإنه يتألمون من أي موقف أو حدث يعكر هذه الصورة أو يشوهها، وخصوصاً أن المتربصون بها كُثر، فاللهم سلمهم بالإسلام وسلّم الإسلام بهم.

ونحن في هذا المقام نبغي أن تظهر الحقائق وتنجلي الصورة أمام كل المراقبين بصورة تشفي الغليل وتخرس الألسن وتعيد العدل والحق إلى نصابه، ولتضرب “حماس” المثل والقدوة في التزامه والعمل به.

وذلك يكون وفق هذه الخطوات:

أولاً: نعتقد أن من العدل أن يتم التحقيق بكل ما جرى من قبل هيئة مستقلة لها احترامها ووزنها في غزة، تباشر العمل باستقلالية تامة وتحلل وتستمع للشهادات من كل أحد، ثم ترفع قرارها وتوصياتها إلى رئاسة الوزراء، لتباشر تنفيذ الأحكام على الجميع دون مواربة أو تحيز، وتطبق حكم الله وشرعه، وبذلك يفرح المؤمنون.

وبه نقطع الطريق أمام سيل التصريحات من هنا وهناك التي قلبت كثير من الحقائق وشوهت الصورة بطريقة لا تليق بأخلاق المؤمنين، ولتعود المصداقية، والانحياز إلى الحق وحكم الشرع إلى نصابه.

ثانياً: تشكيل مرجعية شرعية على مستوى القطاع من كل التوجهات يرتضيها الجميع تكون بمثابة المرجعية في كل الخلافات التي تقع في القطاع، وتعطى دورها الفاعل في التدخل والإصلاح، ورفع التوصيات في كل خلاف ينشب، وبهذه الصورة تستطيع “حماس” أن ترفع عن نفسها الحرج في ضخ الكم الهائل من التصريحات والمبررات فيما تفعل، ونعيش معها دوامة الإعلام والبيانات الموجهة لترسيخ أفعالها.

ثالثاً: يقول الله تعالى: “ولا تزر وازرة وزر أخرى” ولذا لا بد في مثل هذه الأحداث أن تبقى دائرتها ضيقة ولا تتعداها لتلحق بكل أحد عارض أو أيّد أو نصح بخلاف ما نريد…!! فإن أخطأت طائفة قليلة وشذّت فلا يعني هذا أن يكون لنا مبرراً لجر كل من انتسب إليهم من قريب أو بعيد ولنأخذه بجريرة هؤلاء، وإنما المطلوب أن يكون هناك وعي في المستقبل لمعالجة مثل هذه الظواهر بالحكمة واللين والرفق والحوار البناء الفاعل القائم على الدليل والقواعد الشرعية، ولطالما دعت “حماس” إلى مثل ذلك في تعامل مخالفيها معها، فلماذا نغفل عنه عندما نملك السلطة والقوة!!

رابعاً: إن دائرة الدعوة السلفية قد دخلها من ليس منها وتلبس بلبوسها وادعى الانتساب إليها وهو ليس كذلك، وهو ما حاولت كثير من دوائر الإعلام الترويج له، وكأن المعركة بين السلفيين والإخوان متمثلة في “حماس”، وهذا دأب من يحبون أن يصطادون بالماء العكر، ولذا نأمل من “حماس” أن تكون على درجة من الوعي الكفيل بأن لا توسع دائرة المواجهة، ولا تظلم إخوانها وإن خالفوها، ولا تُلحق بهم من هم من ليسوا منهم، وتحصر دائرة الخلاف دائماً في ميزان “الدين النصيحة”.

وأما سياسة التشنج والاعتقال التي طالت الكثير من الأخوة السلفيين في القطاع فليس من الحكمة في شيء، “ولا يجرمنكم شنئان قوم ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى”.

ولا بد أن يُعلم أن الدعوة السلفية بعيدة كل البعد عن مثل هذه الأفكار الشاذة أو المتطرفة، وعن مثل هذا التعدي والاعتداء، وإنما هي دعوة التوحيد التي تنادي دائماً بجمع الصف والتوحد تحت راية السنة ومنهج السلف رضوان الله عليهم لتعم الرحمة والخير في الأمة.

ولتعلم “حماس” إنما هي قوية بإخوانها السلفيين الذين ساندوها وما زالوا –ما أقامت الدين والحق- وأنهم امتدادها من أهل السنة، وإن من الخير والبر أن تمد جسور الثقة والتعاون فيما بينهم ليشكلوا الدرع الواقي في مواجهة أعداء الله

والله الموفق.

لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة – فلسطين

www.haqeeqa.com

زر الذهاب إلى الأعلى