عقيدة

حكم ابن عطاء الله السكندري الصوفي ؟

ومن هو ابن عطاء السكندري ؟

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه
ومن اهتدى بهداه ،،،
وبعد :

فقد سمعت بعضهم على إحدى الفضائيات يثني على التصوف واهله ؟! وأنهم كانوا سببا في دخول بعض الطوائف للاسلام ! ثم عرج على مدح ابن عطاء الله السكندري وكتابه : حكم ابن عطاء ، وانه يحملها في جيبه دوما للمطالعة والتدريس ؟!

أما التصوف فإن كان هو الاسلام نفسه ، فلنسمه إسلاما ولا غير !
وإن التصوف شيئا غير الاسلام ، فلا خير لنا فيه ؟! فديننا تام كامل والحمد لله رب العالمين .
ولنا مع التصوف وقفات بمقال آخر إن شاء الله .

وأما ابن عطاء الله السكندري فهو : أحمد بن محمد بن عبد الكريم ، أبو الفضل ، وهو من أهل التصوف الغالين ، يسير على الطريقة الشاذلية الضالة ، وله أقوال يؤيد فيها القول بوحدة الوجود ؟؟! وهو القول بأن الخالق والمخلوق واحد ؟؟!
ومثلها القول بالاتحاد والحلول ؟! أي حلول الرب ببعض ذوات الصالحين ؟! أو اتحاده بهم ؟! وكل ذلك كفر وضلال عظيم !
وهو من أشد خصوم العالم الرباني شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقد ادَّعى عليه عند السلطان ، وألَّب عليه السفهاء ، ت سنة 709 هـ .

وقول بعض الغالين من أصحابه عما كتب من الحكم : أنه لو جازت الصلاة ان تقرأ بغير القرأن ، لقرأت بحكم ابن عطاء الله السكندري ؟!
هي كلمة قبيحة ، ولا يمكن أن تصدر من عالِم موحِّد ، ولذا وُصف قائلها بأنه من أدعياء العلم ! ؛ لما تحتويه تلك الرسالة من مخالفات شرعية كثيرة ، ومن قبح تلك الكلمة أنه قدَّم كلام ذلك الصوفي على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكلام الصحابة ، ودرر التابعين ؟!
ونقول :
أولا : هل يمكن أن يقال مثل هذا الكلام ، عن كلام ابن عطاء ، أو كلام غيره من البشر ؟!
وهل يجوز أن يساوى كلام البشر بكلام رب البشر ؟! وقد توعد الله من شبه كلامه العظيم الكامل ، بكلام البشر الناقص ، بذلك في قوله ( إن هذا إلا قول البشر * سأصليه سقر ) المدثر : 25 – 26 .

ثانيا : يعتبر ابن عطاء الله  السكندري واسمه : تاج الدين أحمد بن محمد بن عطاء المتوفى  سنة :709 هـ من كبار الصوفية في عصره ، وكتيبه ( الحكم العطائية ) من أشهر كتبه وهو في توحيد الصوفية ! وبيان أحوالهم واعتقادهم ومسالكهم الفاسدة .
وقد احتفى به غير واحد من مشايخ طريقه ، كالرندي وابن عباد وابن عجيبة ، وفي عصرنا البوطي !
وقد وجد فيها ما يدل على أن ابن عطاء كغيره من غلاة الصوفية ، يعتقد بوحدة الوجود !! والتي ترى أن كل موجود هو الله ؟! ولا وجود لسواه على الحقيقة !! وهي عقيدة وثنية كفرية !! رد عليها غير واحد من علماء المسلمين .

يدل على ذلك مواضع منها :

1- قوله : ” ما حجبك عن الله وجود موجود ، ولكن حجبك عنه توهم موجود معه “.
قال شارحه ابن عباد : ” تقدم أن لا موجود سوى الله تعالى على التحقيق !! وأن وجود ما سواه إنما هو وهم مجرد ؟ّ!”.

2- ومن أقواله فيها أيضا : قوله : ” كيف يتصور أن يحجبه شيء ، وهو الذي ظهر بكل شيء !
كيف يتصور أن يحجبه شيء ، وهو الذي ظهر في كل شيء !
كيف يتصور أن يحجبه شيء ، وهو الظاهر لكل شيء !
كيف يتصور أن يحجبه شيء ، وهو أظهر من كل شيء !
كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ليس معه شيء !!!

ويشرح ابن عجيبة – أحد شراح الكتاب – هذه التعجبات العجيبة الغريبة !! فيقول : ” … ومعنى هذا الكلام ، أن الحجاب الذي يحجب الحق تعالى عن الغافلين الجاهلين ، هو الوهم فقط ! لأن الحق ظاهر شديد الظهور ، لكنه اختفى عن الغافلين بسبب غفلتهم وجهلهم ، فهم يظنون أن المخلوقات هي غير الله ، وهذا باطل عند العارفين ؟؟؟!! ” .

3- ومثلها نظرية الاتحاد والحلول ، وكل ذلك كفر !

في قوله : ” أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكوَّن ، فإذا شهدته : كانت الأكوان معك ” ؟!

وقوله : ” ما العارف مَن إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته ، بل العارف مَن لا إشارة له لفنائه في وجوده ، وانطوائه في شهوده ” ؟؟!

وقوله : ” لولا ظهوره في المكونات ، ما وقع عليها أبصار ؟ ولو ظهرت صفاته : اضمحلت مكوناته ” ؟!

وقوله : ” الفكرة فكرتان : فكرة تصديق وإيمان ، وفكرة شهود وعيان ! فالأولى لأرباب الاعتبار ، والثانية لأرباب الشهود والاستبصار ” ؟؟!

4- ومن أقواله المخالفة للصواب ، والمنكرة !
قوله في لطائف المنن ( ص :63): سمعت شيخنا – يقصد المرسي أبوالعباس- يقول في قوله عز وجل : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) أي : ما نذهب من ولي لله ، إلا ونأتِ بخير منه أو مثله ؟!!!

5- ومنها : قوله : ” طلبك منه ( أي من الله ) اتهام له ..؟!! ” .
يقوله شارحه : ” فطلبه من الله تهمة له !! إذ لو وثق في إيصال منافعه إليه من غير سؤال ، لما طلب منه شيئاً..!! “.
فسؤال العبد الله ربه حاجاته ، وطلبها منه ، ودعاؤه له ، مذمومٌ عند هؤلاء الصوفية ؟! لأنه بزعمهم صادر عن عدم ثقة بالله تعالى !
مع أن أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، كلهم قد سألوا ربهم ، وطلبوا منه أموراً كثيرة متنوعة ، والكتاب العزيز مليء بذلك بقولهم : رب ، رب ، فتأمل ؟!
وهو مخالف للآيات والأحاديث الكثيرة التي تحض على دعاء الله كقوله تعالى : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ) أي : عن دعائي ( سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر: 60 .

6-  ومنها : قوله : ” من عبده لشيء يرجوه منه ، أو ليدفع عنه ورود العقوبة منه : فما قام بحق أوصافه ” ؟؟!.

وهذا الكلام هو كقول رابعة العدوية المنحرف ـ إن صح عنها ـ : ” ما عبدتك خوفاً من نارك ؟ ولا رغبة في جنتك ؟ ولكني عبدتك لأنك أهل للعبادة ؟؟!”
وهذا مخالف لعبادة الملائكة الذين اخبر الله عنهم في كتابه أنهم ( يخافون ربهم من فوقهم )
ومخالف لعبادة الأنبياء الذين قال عنهم ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء : 90 .
أي : أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يعبدون الله سبحانه رغباً فيما عنده من الخيرات والمسرات ، ورهباً مما عنده من مضارالدارين .
فأين هؤلاء من هذه الآيات الكريمة ؟؟!

6- وكذلك فيه بعض العبارات التي حَمَلها الشراح على ذم التمتع بالطيبات من الرزق الحلال ؟! وترك الزواج والنسل والولد ؟! والتشنيع على من يأخذ بالأسباب ! واعتباره مخالفا للتوكل على الله تعالى !!
وغير ذلك من المخالفات العقدية والشرعية ، مما لا شك فيه أنه خلاف سنة سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم ، بل مخالف لسنن المرسلين جميعا ، والشرائع السماوية ، لكونه مأخوذا عن الديانات الوثنية وغيرهم .

والجدير بالذكر هاهنا : أن ابن عطاء السكندري هو وجماعة من الصوفية تسببوا في حبس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ظلماً بمصر سنة (707) هـ ، حيث ادعوا عليه أشياء لم يثبت منها شيء ؟! كما في البداية والنهاية ( 14/47) للحافظ ابن كثير الدمشقي .

وأخيرا نقول : إنه يوجد في الكتاب بعضا من الحق والحكم ، مخلوطا بغيره من الأوهام ، والعبارات المبهمة !! والخرافات الباطلة ! والكفريات السابقة ؟؟!
وإن الحكم والمواعظ في غيره من الكتب أجمل وأكثر ، وأفيد وأسلم ، وأوضح وأبين للمسلم والمسلمة ، ككتاب الفوائد للإمام ابن القيم ، وصيد الخاطر لابن الجوزي ، والمدهش وغيرها .
بل ما في كتاب الله تعالى من الحكم ما يخلب الألباب ، وما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم ما تندهش له العقول !

ولذا لا ينصح بقراءته إلا للعلماء ، أو لطلبة العلم المتمكنين للرد على ما في من الباطل والوهم .

نسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنه سميع مجيب..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

 

زر الذهاب إلى الأعلى