تفسير

نقد التفسير الوجيز لوهبة الزحيلي

ملاحظات على
التفسير الوجيز

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه .
وبعد :

فعند مراجعتي لـ ” التفسير الوجيز ” على هامش القرآن العظيم ، تأليف د . وهبة الزحيلي ، طبع دار الفكر – دمشق ، رأيت فيه ملاحظات فيما يتعلق بالأسماء والصفات لله تعالى ، على خلاف منهج السلف الصالح ، القائم على إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء الحسنى ، والصفات العلا ، ونفي ما نفاه عن نفسه ، وإثبات ما أثبته له ، أعلم الخلق به ، وهو عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه عنه ، إذْ لا يصف الله تعالى أحدٌ أعلم بالله ، من الله سبحانه وتعالى ، كما قال جل وعلا ( قلْ أأنتم أعلمُ أم الله ) البقرة : 140 .
ولا يصف الله تعالى بعد الله تعالى ، أعلم بالله تعالى ، من عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ونبيه .
وهو إثباتٌ من غير تمثيل ، وتنزيهٌ من غير تأويل ولا تعطيل ، عملاً بقوله تعالى ( ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير ) الشورى : 11 .

وإنما جرى مؤلفه ” الزحيلي ” هداه الله ، على مذهب المعتزلة والجهمية والأشاعرة وأشباههم ، من التأويل والتعطيل لمعاني الأسماء الحسنى والصفات العلى .
وأحيانا يذكر مذهب السلف في الآية .
وأحيانا أخرى يُعرض عن تفسيرها بالكلية ؟ّ!

وهذه أمثلةٌ على ذلك :

1- في قوله تعالى ( إنّ اللهَ لا يَستحيي أنْ يضربَ مثلاً ما بعوضة ….) ( البقرة : 26 ) .

قال ( ص 6 ) : ” إنّ الله لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ونحوها صغراً وكبرا للعظة والعبرة ، فالمؤمنون يعلمون أنه المثل الحق الثابت غير الباطل المنزل من الله ..” انتهى .

قلت : وهذا تفسير للحياء بالترك ؟! وهو من التأويل الخَلفي للآية ، بخلاف منهج السلف في الآيات ، في إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه من الصفات .

2 – في قوله تعالى ( بَل يَداهُ مبسوطتان … ) المائدة : 64 .

قال ( ص 119 ) : ” وقالت اليهود إذا حصل جدبٌ وطلب منهم الإنفاق في الخير : يدُ الله مغلولة عن الإمداد بالرزق ، أي : أن الله بخيلٌ ، قُيدت أيديهم بالأغلال عن فعل الخير ، وهو دعاءٌ عليهم بالبخل ، وطردوا من رحمة الله بسبب قولهم هذا : يد الله مغلولة ، بل يدا الله مبسوطتان : كنايةٌ عن العطاء الواسع الكثير ؟؟؟! فهو في غاية الجود ، ينفق كيف يشاء بحسب علمه وحكمته …” انتهى .

قلت : وهذا تأويلٌ فاسدٌ لصفة ” اليد ” ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة اليد لله تعالى ، كما يليق بكماله وجلاله وجماله ، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ، كما قال تعالى ( ما منعكَ ألا تَسجدَ لما خَلقتُ بيدي ) ص : 75 .

3 – في قوله ( كلُ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه .. ) القصص : 88 .

قال ( ص 397 ) : ” ولا تعبد مع الله آلها آخر ، لا إله معبود بحق إلا الله وحده لا شريك له ، كل شيء في هذا الوجود هالك إلا ذاته تعالى ؟؟! فهو الدائم الباقى ، له القضاء النافذ ، وإليه ترجعون عند البعث بالنشور من قبوركم فيجازيكم بعملكم انتهى .

قلت : وهذا تأويل فاسد لصفة ” الوجه ” ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة الوجه لله تعالى كما يليق بكماله وجلاله .

4 – في قوله ( إليه يَصعدُ الكلم الطيب ) فاطر : 10 .

قال ( ص 436 ) : ” من كان يريد الشرف والجاه والمنعة ، فليطلبها من عند الله ، …. إليه تعالى يصعد الكلم الطيب ، أي : يقبل التوحيد ؟! وكل كلام طيب من ذكر الله ودعاء وتلاوة قرآن ؟! والعمل الصالح يرفعه الله ويقبله من المؤمن ؟!….” انتهى .

قلت : وهذا تأويلٌ فاسد لصفة ” العلو ” بالقبول ؟!
والصحيح : أن مذهب أهل السنة إثبات صفة العلو لذات لله تعالى ، الثابتة بعشرات الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ، فمتى يفيق هؤلاء المعطلة ؟!!

5 – في قوله تعالى ( والسّمواتُ مطوياتٌ بيمينه ) الزمر : 67 .

قال ( ص 466 ) : ” وما عظّم المشركون الله حقّ تعظيمه ، حين جعلوا له شريكاً ، ووصفوه بما لا يليق به ، والأراضي كلها في قبضته وملكه وتصرفه ، والسماوات مجموعاتٌ بقدرته ؟؟!! تنزه الله وتقدس ، وتعاظم عما يشركون معه من الولد أو الشريك أو الصاحبة … ” انتهى .

قلت : وهذا تأويل فاسد لصفة ” اليد والقبضة واليمين ” ومذهب أهل السنة والجماعة إثباتها لله تعالى ، كما يليق بكماله وجلاله ، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تأويل ولا تعطيل .

6 – في قوله تعالى ( ويبقى وجهُ ربك ذو الجلال والإكرام ) الرحمن : 27 .

قال : ” ويبقى ذاتُ الله ووجوده ؟!! فهو الحي الدائم الذي لا يموت ، وذو العظمة والكبرياء ،…” انتهى .

قلت : وهذا تأويلٌ فاسد أيضا لصفة ” الوجه ” لربنا جلّ شأنه ، ومذهب أهل السنة والجماعة إثباته لله تعالى كما هو الحال في بقية الصفات .

7 – في قوله ( سبّح اسمَ ربك الأعلى ) الأعلى : 1 .

قال ( ص 592 ) : ” نزّه أيها النبي اسم ربك ، البالغ النهاية في العلو عن كل مالا يليق به ، بقولك ( سبحان ربي الأعلى ) ” انتهى .

قلت : لم يُثبتْ صفة علو الذات لله تعالى في الآية ، وإنما أثبت علو القدر والصفات فقط ؟؟!
ومعلوم أن جميع أنواع العلو ثابتة له جل شأنه : علو الذات ، وعلو القدر والصفات ، وعلو القهر .

8 – في قوله ( وجاءَ ربُّك والملك صفا صفا ) الفجر : 22 .

قال ( ص 594 ) : ” وجاء أمرُ ربك ؟؟؟! وقضاؤه المُبرم ، ومعه الملائكة مصطفين صفوفا ، أو ذوي صفوف بحسب منازلهم ” انتهى .

قلت : وهذا تأويل فاسدٌ لصفة ” مجيء الرب سبحانه ” ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات هذه الصفة لله تعالى ، كما يليق بكماله وجلاله .

* ومن الملاحظات على التفسير أيضا :

* ذكر حديث الأسماء الحسنى الطويل ( ص 614 ) في آخر المصحف ، وهو حديث ضعيـــف عند عامة أهل العلم ؟؟!

والله تعالى أعلم

زر الذهاب إلى الأعلى