دعوةمقالات

دروسٌ وعِبر مِن حادثة الإفك

دروسٌ وعِبر مِن حادثة الإفك

دروسٌ وعِبر مِن حادثة الإفك

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين. وبعد:

 

فالمِحن والابتلاء من سُنُن الله تعالى في خَلْقه، كما قال سبحانه: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء: 35.

وقال عز وجل: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) العنكبوت: 1.

وقال تعالى: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) آل عمران: 179.

وقال صلى الله عليه وسلم: “إنّ عِظمَ الجَزاء مع عِظَم البلاء، وإنّ الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، فمَن رَضِي فله الرّضَا، ومَنْ سَخط فله السُّخْط”. رواه الترمذي وابن ماجة.

والمُؤمنُ كلُّ أمْره خير، فهو في نَعمةٍ وعَافية في جميعِ أحواله، كما قال صلى الله عليه وسلم: “عَجَباً لأمْر المُؤْمن، إنَّ أمْرَه كلّه خَير، وليس ذلك إلا للمُؤْمن، إنْ أصَابته سَرّاء شَكَر فكانَ خيراً له، وإنْ أصَابته ضرَّاء صَبرَ فكان خَيراً له”. رواه مسلم.  

والبلاء له صُورٌ كثيرة، منهْا بلاءٌ في الأهل، وبلاءٌ في الولد، وفي المال، وفي النّفس، وفي العِرْض، وغيرها، وأعظمها ما يُبْتلى به العَبدُ في دينه، وقد جُمِع للنبي صلى الله عليه وسلم أنواعُ البَلاء، فابْتلى في الأهل والمال والولد والأصْحاب، فصَبَر واحْتَسب، وأحْسنَ الظنَّ بالله تعالى، ورضيَ بحُكْمه، وامْتثلَ شَرعه، ولمْ يَتجاوز حُدُوده، فصار بحقٍّ قُدْوة يُحتذى به لكلّ مُبْتلى.

ومن ذلك: ما يُسمّى بحَادثة الإفْك، أو قِصّة الإفك، التي ذَكرها الله تعالى في كتابه، وقد أخرج القِصّة البُخاري ومسلم في صحيحيهما، وكانت مِحْنةً عظيمة، اتُّهمت فيها أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عِرْضها، وبرّأها اللَّه ممّا قاله أهلُ الإفك والنّفاق، بعشرِ آياتٍ تُتلى جُملةً واحدةً مِنْ سُورة النّور، أنزل الله تعالى في أولها: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) النور: 11. الآيات العشر.

فقد حاولَ المُنافقون الطّعنَ في عِرْضِ النّبي صلى الله عليه وسلم؛ بالافتراء على عائشة رضي الله عنْها، بما يُعْرف في كتُب السّيرة: بحادثة الإفك، والذي كان القَصْدُ منه: النّيلُ منَ النّبي صلى الله عليه وسلم ومنْ أهل بيتِه الأطْهار، وتشويه سُمْعتهم، والنيلُ مِنْ مَكانتهم الشّريفة في قُلوب المُؤمنين، لصَرْف الناس عنْهم، ولإحْداثِ الاضْطراب والخَلَل في المُجتمع الإسلامي آنذاك، بعد أنْ فَشِلوا في إثارة النَّعْرات الجاهلية، بينَ المهاجرين والأنْصار، لإيقاع الخِلافِ والفُرقة في صُفوف المسلمين، وهدْم وحْدتهم، وإشْعال نارِ الفتنة بينهم .

وقد كادتْ حادثة الإفك أنْ تُحقّقَ للمنافقين ما كانوا يَسعون إليه، ولكنَّ اللهَ تعالى سلَّم ولطفَ بالمُؤمنين، وتمكّن الرسُول صلى الله عليه وسلم بحِكْمته في تلك الظُّروف الحالكة؛ أنْ يجتازَ هذا الامْتِحان الصّعب، وأنْ يَصلَ بالمُسلمين إلى شاطئ الأمَان.

وتوالت الآياتُ القرآنية بعد ذلك، لتَكْشف مواقفَ الناسِ مِنْ هذا الافتراء، وتُعلن بجلاءٍ ووضُوح: براءة أمّ المؤمنين الصدِّيقة بنت الصدّيق عائشة رضي الله عنها، مِنْ تلك الفِرية القَبيحة، التي رماها بها رأسُ النِّفاق ومَنْ تابعه، وأكرَمها اللهُ عزّ وجل، ورفع قَدْرها وشَأنها، لصَبْرها على مِحْنتها، ودافعَ عنْها وعن عِرضِ نَبيّه الكريم صلى الله عليه وسلم، وأنزلَ في براءتها، آياتٍ من القرآن الكريم، تُتْلى إلى يومِ الدين، في مساجد المُسْلمين وبيوتهم ومدارسِهم.

 

* منْهَج النَّبِي صلى الله عليه وسلم في التَّعامل مع حادثَة الإفْك:

وهذه الحادثةُ مع ما فيها مِنْ آلامٍ شديدة، لبيتِ النَّبوة وللصّحابة جميعاً، تركتْ وراءها العديد مِنَ الحِكم الجليلة، والفَوائد الكثيرة، التي يَنْبغي الاسْتفادة منْها في واقعنا كأفراد ومُجتمعات، منها:

1- إثباتُ بشريّة النّبي صلى الله عليه وسلم، فلمْ يَخرج بأبي هو وأمّي بنبوته ورسالته، وفضْله وعُلوّ مَنْزلته، عن كونه بَشراً، فلا يجوز لمَن آمن به واتّبعه؛ أنْ يتصوّر أنَّ النَّبوة قد تجاوزت به حُدُود البشريّة، فيَصفه بما لا يَجوز نسبتُه إلا لله وحده، قال تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) الكهف: 110.

2- كما أظْهرتْ هذه الحادثة أنّ الوَحي ليس  إلْهاماً ذاتياً، أو قولاً من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وليس شيئاً خاضِعا لإرادته ورَغبته، وغير ذلك ممّا يدّعيه دعاة التَّشكيك في الإسْلام والقرآن والسُّنّة، والتّلبيس على المسلمين، منْ أعداء الإسلام قديماً، وحديثاً ممّن سارَ وراءهم، إذْ لو كان الأمرُ كذلك، لكان مِنَ السّهل عليه صلى الله عليه وسلم أنْ يُنْهي هذه المِحْنة التي آذته وآذت زوجته والمُسْلمين، مِنْ يوم وقوعها، وفي ساعتها، لكنّه لمْ يفعل صلى الله عليه وسلم، لأنّه لا يملك ذلك، وماذا كان يمنعه لو أنّ أمْر القرآن بيده؛ أنْ يدافع عن نفسه وأهله، وأنْ ينطق بهذه الآيات من بداية هذا الإفك، وهذه الإشاعة الكاذبة، ليَحْمي بها عِرضه، ويقطع ألسنة الكاذبين؟!

ولكنّه صلى الله عليه وسلم ما كانَ ليترك الكذبَ على الناس، ويكذبَ على الله، قال الله تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) الحاقة: 47-44.

وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: “إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ”، فقالت رضي الله عنها: إني والله لا أجدُ مثلا، إلا أبا يوسف: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) يوسف: 18.

وهكذا شاء الله أنْ تكون هذه المِحْنة؛ دليلاً كبيراً على بشريّة الرسُول صلى الله عليه وسلم ونبوته، في وقتٍ واحد.

3- ومن الحِكم والفوائد المترتّبة على هذه الحادثة: تشريع حدّ القَذْف، وأهميته في المحافظة على أعْراض المُسْلمين، فعندما وقعت حادثة الإفك أرادَ الله عز وجل أنْ يَشرع بعض الأحكام التي تساهم في المحافظة على أعراض المؤمنين.

ومن المعلوم أنّ الإسلامَ حرّم الزنا، وأوجبَ العقوبة على فاعله، وحرّم أيضاً كلّ الأسباب المؤدية إليه، منْ تَبرج وسُفور، واختلاط ونظرة، ومنها: إشاعة الفاحشة بالتحدّث بها في المجالس، ومنْ ثَمّ حَرّم الله القذف للمؤمنين والاتهام بالفاحشة، وأوجب على من اتهم عفيفًا أو عفيفة بالزّناـ وهم منه براءـ حَد القذف، وهو الجلد ثمانين جلدة، وعدم قبول شهادته إلا بعد توبته توبة صادقة نصوحا، وفي ذلك صيانةٌ وحفظ  للمجتمع من أن تشيع فيه ألفاظ الفاحشة، لأن كثرة الحديث عن الفاحشة، وتردادها على الألسن يُهون أمرها لدى سامعيها، ويُجرئ ضُعفاء النفوس على ارتكابها، أو رمي الناس بها، وفي ذلك كله تربية للمجتمع الإسلامي الأول، ليكون نموذجا للمجتمعات بعد ذلك.

 4- ظَهَرَ في هذه الحادثة فضلُ الصّدّيقة عائشة رضي الله عنها ومَنْزلتها، فقد برّأها الله مِنَ الإفك بقرآنٍ يُتْلى إلى يوم القيامة، يتعبّد المسلمون بتلاوته في صلواتهم وخلواتهم، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُم) النور: 11، فكم ارتفعت منزلتها رضي الله عنها بذلك، وقد كانت تقول كما روى البخاري: “ما كنتُ أظن أن الله منزل في شأني وحياً يتلى”.

ومِنْ ثَمّ قال العلماء: مَنْ اتّهمها بعد ذلك بما برّأها الله عزَّ وجل منه، فهو مُكذّب لله في كتابه، ومَنْ كذّب اللهَ تعالى فقد كفر، وخَرَج مِنْ ملّة الإسْلام.

5- كما أكَّدت هذه المِحْنة: وجُوب التثبّت مِن الأقْوال قبل نَشْرها، والتأكد مِنْ صحّتها، لا سيما في الأمُور العَظيمة المُتعلّقة بالإسلام والمُسْلمين، وقادتهم وولاة أمرهم، من العُلماء والأمراء والكبَراء، حتى لا يقع الإنْسان في الكذبِ والظلم والبُهتان، ويكون سبباً في نشر الإشاعات المُغرضة، وقصص الفواحش المُزوّرة، التي يترتب عليها الفِتن والخلافات، قال تعالى: (وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) النور: 16.

6- ومِنَ الفوائد الهامّة مِنْ هذه الحادثة: الوقُوف عند أمْرِ الله عزّ وجل بالطاعة، وإنْ كانت مخالفةً لرغبة الإنسان وهواه، ويتجلّى ذلك في عدمِ تَرك النّفقة على الأقارب والفُقَراء، وإنْ أساءُوا للإنْسَان، والحثّ على العَفو والصَّفح عمّن أساء إليك.

وقد ظَهَر ذلك في مَوقف الصّدّيق أبي بكر رضي الله عنه، الذي كان يُنْفق على مِسْطح بن أثاثة لقرابته منه وفقْره، فلمّا أنزل اللهُ تعالى براءةَ عائشة رضي الله عنها ـ قال أبو بكر: “واللهِ لا أُنْفق على مسْطح شيئاً أبداً، بعد الذي قال في عائشة، فأنزل الله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم) النور: 22،  فقال أبو بكر: “بلى والله، إني لأحِبُّ أنْ يَغْفر اللهُ لي”، فأرْجَع إلى مِسْطح النفقة التي كان يُنْفقها عليه. 

7- ومن الفوائد الهامَّة من هذه الحادثة أيضا: الحِرْص على المُشَاورة في الأزمات والمُلمّات، والاسْتِنارة بآراء أهل الرّأي والخِبْرة والعلم، فقد حَرَص النبي صلى الله عليه وسلم على جَمْع الآراء مِنْ أصْحابه، وسأل المُحِيطين بأمّ المؤمنين عائشة عن أخلاقها وسُلوكها وواقعِها، واسْتشارَ أهلَ العلم والفَضْل، من أهله وغيرهم، في أمْرِ فِراقها.

8- ومنها أيضاً: التّروي قبلَ إصْدار أي حُكم، والتّحقّق من الخَبر أو الشائعة، وإحْسان الظنّ بأهل الخَير والصّلاح، قال تعالى: (لولا إذْ سَمعتمُوه ظنَّ المُؤمنون والمؤمنات بأنفسِهم خيراً وقالوا هذا إفكٌ مُبين) النور: 12.

فيقول سبحانه: هلا ظنَّ المُؤمنون والمؤمنات بعضُهم ببعضٍ خيراً؛ عند سماعهم ذلك الإفْك والقَذْف في العِرض، وظنّ الخير: هو السّلامة ممّا رُموا به مِنَ الفاحشة، وقالوا: هذا كذبٌ ظاهرٌ على أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

وقال السعدي: (وَقَالُوا) بسبب ذلك الظنّ (سُبْحَانَكَ) أي: تنزيهاً لك منْ كلّ سُوء، وعن أنْ تَبْتلي أصفياءك بالأمُور الشنيعة، (هذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) أي: كذبٌ وبُهت، من أعظم الأشياء، وأبْينها.

فهذا مِنَ الظنّ الواجب، حين سماعِ المؤمن عن أخِيه المُؤمن مثلَ هذا الكلام، أنْ يُبرّئه بلسانه، ويُكذّب القائل لذلك.

9- وفي الحادثة أيضاً: حِكْمة النّبي صلى الله عليه وسلم في التَّعامل مع أهل بيته، وصَبْره العظيم عليهم، وتأنّيه بهم، والتَّثبّت والتّروّي، فلمْ يتحدّث مع أمّ المؤمنين عائشة في قول أصْحاب الإفك؛ رغم مُضي شهرٍ كامل.

ولمْ تَتَغيّر مُعاملته معها أثناء المُشكلة، إنّما أنْكرت أمّ المؤمنين عائشة بعض لُطْفه بها، فكان لا يتحدَّث معها أكثر مِنْ أنْ يلقي السّلام عليها، ويسأل عنها بقوله: كيف تَيْكم؟

لا يزيدُ على ذلك، وكانت قد تعوّدت منَ النَّبي صلى الله عليه وسلم حالَ مَرضها، أنْ يكون معها في غاية اللُّطف والحَنان والعطف.

ولمّا وجه الكلام في نهاية الأمر إلى أمّ المُؤمنين عائشة؛ قَالَ لها: “يَا عَائِشَةُ، فإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إِلَيْه، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ؛ تَابَ اللَّهُ عَلَيه”.

10- ولمّا بشَّر اللهُ تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم بِمَا سرَّه مِنْ بَراءتها، وسلامتها ممّا رُميت به، تهلَّلَ وجْهه وأشرقَ مِنْ شدّة الفَرَح، وقال: “يَا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ، فَقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ”.

وتحمّل ما صدَر مِنْ أمّ المؤمنين بعد ظُهُور براءتها، ونزول آيات البراءة، عندما قالت أمُّ عائشة لابنتها عائشة: قومِي إليه، فقلت: واللهِ لا أقومُ إليه، ولا أحْمَدُ إلا الله، هو الذي أنزلَ بَرَاءتي. 

11- لقد كانت حادثة الإفْك حَلقةً مِنْ سِلْسلة حلقاتِ الإيذاء والمِحَن التي لقيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مِنْ فضلِ اللهِ ورحمته؛ أنْ كشف زَيفها وبطلانها، وأبقى دُرُوسها وفوائدها، لتكونَ عبْرةً وعظةً للأمّة؛ إلى أنْ يَرِثَ اللهُ تعالى الأرض ومَنْ عليها، وكلّ ذلك مِنَ الخير الذي كشَفه الله في ثنايا هذا الحادث، مع ما فيه من ابتلاءٍ وآلام، كما قال الله تعالى: (لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) النور: 11.

وغير ذلك من الحِكم والفوائد العظيمة.

والله تعالى أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وأزواجه وصحبه أجمعين

زر الذهاب إلى الأعلى