أرشيف الفتاوىفتاوى

أسْبابُ الطّلاق وأضْراره

أسْبابُ الطّلاق وأضْراره

أسْبابُ الطّلاق وأضْراره

 

السُّؤال (401): ما هي الأسْباب التي تُؤدّي للطّلاق، وتَشتّت الأسَر، ونتائج هذا الفراق؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فالزّواج نِعْمةٌ عَظيمةٌ مِنْ نِعَم الله تعالى على خَلْقه، كما قال سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم: 21.

ومعنى (خلقَ لَكُم مِنْ أنْفسِكم) أي: مِنْ جِنْسكم.

ومنْ عَظَمةِ هذا الدّين؛ أنّه شَرع الزّواج مِنَ أجلِ بناء المُجْتمع المُسْلم على أسُسٍ طَاهرةٍ عَفِيفة، بعيداً عن العِلاقات المُحرّمة، وأمَر بالعِشْرة الحَسَنة بينَ الزّوجين، وأنْ يَتَحمّل كلُّ طَرفٍ ما يستطيع أنْ يَتحمّله مِنَ الطّرف الآخر مِنْ أخْطاءٍ وهَفَوات، وأنْ يَصبر عليه، لتدُوم الحياة الزّوجية، قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء: 19.

فالقرآن الكريم حثّ الرجالَ على المُعاشرة الحَسَنة، وإنْ كرِهَ مِنَ المَرأة شيئاً، وأنْ يتحمّل الرجلُ اعْوجَاج المَرأة، وطَبيعتها التي جَبَلها الله عليها، كما في الحديث: عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ”. رواه البخاري (3331) ومسلم (1468).

وألْزَمَ الإسْلام المَرأة بطاعةِ الزّوج بالمَعروف، ونَهَى النَّبي صلى الله عليه وسلم المرأةَ أنْ تَطْلب منْ زَوجها الطّلاقَ دون أسْبابٍ، أو مُسَوغاتٍ شَرْعيّة، فعلى المرأةِ الصّبر على الزّوج، وعدم التَّسرّع بطلبِ الطّلاق، قال صلى الله عليه وسلم: “أيُّما امْرأةٍ سَألتْ زَوْجها الطّلاق مِنْ غيرِ بَأْسٍ، فحَرَامٌ عليها رائِحة الجنّة”. رواه أحمد وغيره بسندٍ صحيح.

قال الشّوكاني رحمه الله: وفيه دليل: على أنّ سؤالَ المرأة الطلاق مِنْ زوجِها مُحرّم عليها، تَحريماً شديداً؛ وكفَى بذَنْبٍ يَبْلغ بصاحبه إلى ذلك المبلغ؛ مُنادياً على فَظَاعته وشدّته. انتهى.

وقال أيضاً: صلى الله عليه وسلم: “المُخْتَلِعات والمُنْتَزعات؛ هنَّ المُنَافقات”. رواه النسائي وغيره بسندٍ صحيح.

والمُخْتلعات: هنَّ اللاتِي يَطْلبْن الخُلْعَ بغير ضَرورة.

* والحُلُول كثيرةٌ قبلَ الفِراق:

 فقد وضَع الإسْلام حُلولاً للمَشاكل الزّوجية قبل الانْفِصَال؛ وهو ما أرْشد الله تعالى عباده إليه في كتابه، فقال: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء: 34.

فقوله تعالى (واللاتي تَخافُون نُشُوزهن) قال ابنُ كثير: “أي: والنّساءُ اللاتي تَتَخوفُون أنْ يَنْشُزنَ على أزْواجهن، والنُّشُوز: هو الارْتفاع، فالمَرْأةُ الناشزُ هي: المُرْتَفعة على زَوجها، التّاركة لأمْره، المُعْرضِة عنه، المُبْغضة له. فمتَى ظَهرَ له منْها أمَاراتُ النُّشُوز؛ فليَعظها وليُخوّفها عقابَ الله في عِصْيانه، فإنّ اللهَ قد أوْجبَ حقَّ الزّوج عليها وطَاعَته، وحَرّم عليها معصيته، لما له عليها مِنَ الفَضْل والإفْضال”. انتهى.

وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “لو كنتُ آمِراً أحَدَاً أنْ يَسْجدَ لأحَدٍ؛ لأمَرْتُ المَرأةَ أنْ تَسْجدَ لزَوْجها”. رواه الترمذي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دَعَا الرّجلُ امْرَأته إلى فِرَاشِه فأبتْ عليه، لعَنَتْها المَلائكةُ حتى تُصْبِح”. رواه البخاري ومسلم.

ثانيا- الهَجْرُ في المَضْجع: قال ابن عباس: الهجران هو أنْ لا يُجَامعها ويُضَاجعها على فراشِها، ويُولّيها ظَهْره. وكذا قال غير واحد.

والخُطوة الثالثة: قال تعالى: (واضْربُوهُنّ) أي: إذا لمْ يَرْتَدعن بالمَوعظة، ولا بالهجران، فلكمْ أنْ تَضْربُوهنَّ ضَرباً غير مُبَرِّح، كما ثبتَ في صحيح مسلم: عنْ جابر رضي الله عنه: عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حَجّة الوَدَاع: “واتَّقُوا اللهَ في النِّساء، فإنّهنَّ عِنْدكم عَوَانٍ، ولكمْ عليهنَّ ألا يُوطّئن فُرُشَكم أحَداً تَكرَهُونه، فإنْ فعلنَ فاضْربُوهنَّ ضَرْباً غير مُبَرّح، ولهُنّ رِزْقهنّ وكِسْوتُهنّ بالمَعْروف”.

وكذا قال ابن عباس وغير واحد: ضَرباً غيرَ مُبرّح.

2- وقد حَثَّ الله تعالى على الصُّلْح بين الزَّوْجين، قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء: 35.

قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: أمَرَ اللهُ عزّ وجل أنْ يَبْعثوا رجُلاً صالحاً مِنْ أهلِ الرّجل، ورجُلاً مثله مِنْ أهلِ المَرأة، فينظران أيُّهما المُسِيء، فإنْ كان الرّجل هو المُسيء، حَجَبوا عنه امرأته وقَصَرُوه على النّفقة، وإنْ كانت المَرْأة هي المُسِيئة، قَصرُوها على زَوجها ومَنَعوها النّفقة، فإنْ اجتمعَ رأيُهما على أنْ يُفَرّقا أو يَجْمعا، فأمْرُهُما جَائز… رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.

3- وجَعلت الشّريعة الإسْلامية الطّلاقَ آخرَ الحُلُول بين الزّوجين، وجعلته مَتدرّجاً بثلاثِ طَلَقات؛ قال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة: 229.

فالطّلاقُ غير مُحبّبٍ في الإسْلام في أصْله؛ ولا مُرغّبٍ فيه، بل مَنْهيٌ عنه، ولذا وَضَع الإسْلام الحُلُول الأولى قبل أنْ تنْقطعَ العلاقة الزّوجية.

4- وشَرَع الإسْلام الرَّجْعة بعد الطّلاق الأول، والطلاق الثاني؛ لعلّ الحال بين الزوجين يَستقيم بعد الطلاق، ويحصل التذكر بمَرارة الفراق.

5- وعلى الـمُسلم أنْ يـحدَّ من التفكير في الطّلاق، ولا يَلجأ إليه إلا إذا وُجد سببٌ شرعي أوجب الشرع أو استحبّ الطلاق له، أمّا ما عدا ذلك، فلا بُدّ مِنَ الصّبر والتّحمّل، والرّضا بما قَسَم الله تعالى، والله يقول: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة: 155.

* أمّا أسبابُ الطلاق: فمنْ أهمّ أسْباب الطّلاق في هذا الزمان:

1- هو البُعْدُ عن الإيمان، ومراقبة الله تعالى في التّصرّفات، والغَفلة عن ذلك، والوقُوع في المَعاصي والظّلم، والجَهل بالحُقوق الزّوجية، والواجبات الأسْرية.

2- ومنها: سُوءُ الأخْلاق والمُعاملة، وقد قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف) النساء: 19. قال ابن كثير: أي: طيّبوا أقوالَكم لهنّ، وحَسّنوا أفْعالكم وهَيئاتكم بحَسْب قُدْرتكم، كما تُحبّ ذلك منْها، فافعلْ أنتَ بها مِثله، كما قال تعالى: (ولهنَّ مِثلُ الذي عليهن بالمعروف) البقرة: 228. انتهى.

فسُوءُ الألفاظ التي يتفوّه بـها أحدُ الزّوجين نحو الآخر، وخاصّة مِنَ الرّجال الذين يُطلقونَ الألْفاظ المَهينة على زَوجاتهم، ويَجْرحونهنّ، ويَلجؤون للضّربِ بغير سَببٍ مُوجبٍ لذلك، وهي كلّها خِلاف خُلق الأتْقياء الأخْيار.

3- ومنْها: كثْرةُ اشْتغال كلّ طَرفٍ بنَفسه، وكثرةُ غيابِ الزّوج عن بيته وأولاده وأسْرته، وإهْمال واجباته، وكأنّه أعْزب بلا أسرة؟!

وكذلك في هذه الأيام: كثْرة الاشْتغال بهذه الأجْهزة الحديثة، من الهواتف النّقالة، وبرامج التّواصل المختلفة، عن الطّرف الآخر، وغالبُ هذه الأجهزة شرّها في بعض البيوت؛ أعْظمُ مِنْ نَفْعها وأكبر.

4- ومنْها: كثْرة الشُّكوك وسُوء الظّنّ بين الزّوجين، وربّما اطّلاعُ أحد الزّوجين على ما يَخصّ الآخر، وتَجسّسه عليه، وخاصّة المَرأة التي تَسْعى للتفتيش في أجْهزة زوجها، وقد تجدُ ما لا يَسرّها، وقد تكونُ وجدت بجهاز الزوج شيئاً عن طريق الخَطأ.

5- كذلك إهانةُ بعضِ الأزْواج لأقارب الآخر، وخاصّة الوالدين، فيصعب على الطّرف الآخر أنْ يتقبّل إهانة والديه، فيرى أنّ الطلاق حلٌّ لا بُدّ منه.

* وللطّلاق مَفاسدُ كثيرة، يَفْرح بها الشّيطان، وأعداءُ الإسْلام والمُسْلمين، ويَسْعون لتَحقيقها وكثْرتها، منْها:

1- فأولاً فَرحُ الشّيطان بالفُرقة بين الزّوجين، كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ. رواه مسلم.

فالشَّيطانُ عدُوُّ الإنسانِ، ويَسْعى في هَلاكِه وإفسادِ حَياتِه، ودُنياه وآخِرتِه بكلِّ السُّبُلِ، وفي هذا الحديثِ يُوضِّحُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضَ ما يَفعَلُه الشَّياطينُ في بني آدم، وأعظمه ما فعله هذا الشيطان، إذْ يقول لإبليس الرئيس: “ما ترَكتُه حتَّى فرَّقتُ بيْنَه وبيْنَ امرأتِه”، أيْ: ما تركتُ الزَّوجَ حتَّى جعلتُه يُطلّق زوجته، أو تطلب الخُلع منه، وهدَمتُ الأُلْفَةَ والمودَّةَ الَّتي كانت بينهما بإلقاءِ العداوة والبَغضاء بينهما، فيُقرِّبه إبليسُ الكبير منه، ويُنزِله مَنْزلةً أعلى مِنْ أقْرانِه، ويَمْدحُ فِعْلَه في التَّفريقِ بيْن الزَّوجين لإعجابه بصنيعه، وبلوغه الغاية الَّتي أرادها بقوله: “نِعْم أنت”، وهذا المَدح والثّناء؛ لِما في التَّفريقِ بين الزَّوجينِ مِن مَفاسِدِ لا تحصى، أولها: انْقِطاعِ النَّسلِ، وما يُحْتَملُ مِن وقوعِ الزِّنا، الَّذي هو أَفْحشُ الكبائرِ، وأَكْثرُها مَعرَّةً وفساداً.

2- وفيه: تشتّتُ شَمل الأسْرة، وانقطاع الرّحم، وتفرّق الأولاد بينَ الأب والأم، وانْعِدام تَربيةِ الأطفالِ في الغالب، ممّا يَجْعلهم فَريسةً سهلة لرُفقاء السُّوء، ووقوعهم في المُنْكرات وأنْواع الانْحرافات.

3- ما في الطّلاق مِن حُصول التَّباغُضِ والتَّشاحُنِ بين الزوجين المُسْلِمين، وما فيه مِنْ إثارةِ العَدَواتِ بين الأسْرتين، بل قد يَلجؤُون للقَضاء والمَحاكم؛ لحلّ المشاكل، ويبدأ الصِّراع حول الحَضانة والنّفقات، وقد لا ينتهي، وهذه المشاكل ضَحيتها أولاً الأولاد، وعند زيارة الأطْفال لهما بعد الطّلاق؛ ربّما تَحصلُ خُصُومات بين الزّوج وأهل مُطلقته، أو الزوجة وأهل مُطلقها.

4- ومنها: ما يَسْمَعُه الأطْفال مِنْ كلامٍ جارحٍ عنْ أبيهم في بيتِ أمِّهم، وعن أمّهم في بيتِ أبيهم، ممّا يتفوَّه به الأهل؛ فتنكسر قلوبُهم، وتتقطع أفئدتُهم، ويَحملون هُمُوماً فوقَ أعْمارهم، ممّا يَسْمعونه مِنْ كلماتٍ يَقذفُ بها قُسَاة البَشر، الذين نُزِعت منْ قلوبهم الرّحـمة والشّفقة.

5- ومنَ المفاسد: أنْ يَنمو في قلبِ الطفل شُعُورٌ بالحِقْد والكراهية على أحدِ والديه بسببِ الطّرف الآخر؛ لأنّ بعض الآباء والأمهات لا يقفْ عند حُدود الشّرع في ذلك؛ فينبغي للأب ولو طلّق امرأته؛ أنْ يُعظّم مِنْ شأنها أمامَ أولاده كما عظّمة الشّرع، وكذلك تفعلُ المرأة المُطلّقة، فتُوصي ابْنها بتعظيم شأنِ والده، ولا يفعل ذلك إلا العقلاءُ وأهلُ الصّلاح، ومَنْ يَخشى الله تعالى.

6- ومنَ المفاسد: حصول الصراعات بين الأسرتين، وإذا كانوا ذوي قُرْبى، فربما انْقَطعت العلاقاتُ بينهم، بل قد تتطلقْ بعض النساء غيرها، بسبب هذا الطلاق الذي حصل؟!

7- ومن مفاسد الطلاق: هروبُ الأطفال مِنَ الأسْرة والبيتِ بعد الطلاق، فيهربون مِنَ المَشاكل التي نتجتْ عن الطلاق، إلى المخدرات، ورفقاء السوء، والانحرافات الأخْلاقية.

8- ومن المفاسد أيضاً: أنّ الأبَ قد يَضعُ أبناءه عند زوجةٍ أخْرى له، قد نُزِعت منْها الرّحمة، فتَسُومهم سُوءَ العذاب، وتكيد لهم ليلاً ونهاراً.

9- ومن المفاسد أيضا: أنّ الطفل إذا بقي مع أمّـه، قد لا يجدُ مَنْ يعتني به وبدينه وخُلقه، ولا يجد من يصحبه في الذهاب إلى الـمسجد، كذلك قد تتعطل دراسته بسبب عدم وجود مَنْ يأمره بذلك، أو يذهب به إليها، فينشأ جاهلاً ضعيفَ التّدين.

10- وقد يضعفُ إيمانُ أحدُ المُطلّقين، فيلجأ للسّحْر وللسَّحرة، منْ أجل إعادة الحياة الزوجية- بزعمه لمَكانها- ويلجأ لسِحْر العَطف والجَلب، وهو مِنْ كبائر الذّنوب والمُوبقات، قال سبحانه: (وما كفرَ سليمانُ ولكنّ الشياطين كفروا يُعلمونَ الناس السحر) البقرة: 102.

وقال: (ولقدْ عَلِمُوا لَمَن اشْتَراه مالَه في الآخِرة مِنْ خَلاق) البقرة: 102.

وقال تعالى: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) طه: 69.

– وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “ليسَ منّا مَنْ تَطيَّرَ أو تُطيِّر له، أو تَكَهَّن أو تُكهِّن له، أو سَحَر أو سُحِر له، ومَنْ عَقَد عُقدةً، ومَن أتَى كاهنًا، فصدَّقه بما قال، فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”.

أخرجه البزار (3578) واللفظ له، والطبراني (18/162) عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما.

وغيرها من المفاسد الكثيرة، التي مِنْ أجلها؛ مَنَعَ الله تعالى مِن المسارعة للطلاق، والسّعي في إيقاعه، سواءً مِنَ الزّوج أو الزّوجة.

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، واهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، ونَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ، وبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وأَبْصَارِنَا وقُلُوبِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وذُرِّيَّاتِنَا، وتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمِكَ، مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، قَابِلِينَ لَهَا، وأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا يا ربَّ العالمين.

زر الذهاب إلى الأعلى